للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩)} [النساء: ٢٩] (١).

فهاتان الآيتان من أهم الأصول في حفظ مال الأمة, فقد بين الله تعالى لعباده ما يباح لهم من الزيادة المشروعة, وحرم عليهم الزيادة الباطلة الممنوعة.

وإذا كان بعض الناس, لا يرى فرقا بين البيع والربا, وأنهما سيان في الزيادة, فذلك لجهله بالشريعة وبعده عن منهج الله.

وأي فرق أعظم من تفريق أحكم الحاكمين بينهما بأن أباح لنا البيع وجعله وسيلة لحفظ المال وزيادته, وحرم الربا وجعله سببا للهلاك والنقص وتلف الأموال (٢).

وفي الآيتين دليل على أن الأصل في البيوع والتجارات الحل إذا سلمت من المحاذير التي بينها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - , وحصل التراضي بين المتبايعين, وبذلك تتنوع سبل تنمية المال وتكثر من عقارات وأمتعة وأشربة وأوان مما ينمي المال ويحفظه من الزوال (٣).

وهذا يدعو الأمة بمجموع أفرادها إلى التكسب وحفظ الأمة من أن يضعف اقتصادها فتزول هيبتها وكرامتها, وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلف الأمة ما يشير إلى هذا المعنى, فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نعم المال الصالح للرجل الصالح) (٤).

وقال سفيان الثوري (٥) رحمه الله: (كان المال فيما مضى يكره, فأما اليوم فهو ترس المؤمن)


(١) انظر: التحرير والتنوير (٤/ ٢٣٤) , مقاصد الشريعة الإسلامية لليوبي (ص ٢٨٤, ٢٨٥).
(٢) انظر: جامع البيان (٦/ ١٣) , المحرر الوجيز (٢/ ٤٨١) , تفسير سورة البقرة للعثيمين (٣/ ٣٧٧).
(٣) انظر: تيسير اللطيف المنان, ابن سعدي (ص ٧٠).
(٤) سبق تخريه (ص ٥٣)
(٥) هوسفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة أبو عبد الله الثوري الكوفي المجتهد، مصنف كتاب " الجامع ".إمام الحفاظ، سيد العلماء العاملين في زمانه, ولد سنة ٩٧ هـ وطلب العلم وهو حدث باعتناء والده، حدث عن إبراهيم بن عبد الأعلى وإبراهيم بن عقبة وأيوب السختياني ويقال: إن عدد شيوخه ست مائة شيخ، وحدث عنه أبو حنيفة والأوزاعي ومعاوية بن صالح، وابن أبي ذئب، وكلهم ماتوا قبله = ... = وقال أحمد بن حنبل: قال لي ابن عيينة: لن ترى بعينيك مثل سفيان الثوري حتى تموت, توفي سنة ١٦١ هـ (سير أعلام النبلاء ٢٢٩ - ٢٣٥).

<<  <   >  >>