للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي قوله: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} حفظ لحق اليتيم ومن في حكمه من الإنفاق عليهم بما ينفعهم ويصلحهم, فلا يضيّق عليه في رزقه وكسوته.

وفي التعبير بـ (في) بدل (من) في الآية إشارة إلى حفظ المال بالاتجار فيه وتنميته حتى لا ينقص من الإنفاق حال تسليمه للسفيه إذا رشد, والمراد أن جملة المال ما يحصل به الرزق والكسوة تارة من عينه وتارة من ثمنه وتارة من نتاجه (١).

٢. النهي عن الاقتراب من مال اليتيم.

وقد كرر الله عز وجل النهي عن القرب من مال اليتيم فقال: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: ١٥٢]

فنهى الله تبارك وتعالى عن إتلاف أموال اليتامى, إذ هم أحق الناس بالنهي عن قربان أموالهم لضعفهم وعجزهم, وذلك أن العرب في الجاهلية كانوا يستحلون أموال اليتامى فيأكلونها, فهم ضعفاء في حجرهم, لا يستطيعون رد الحق, ولا يفطن أحد لمظلمتهم

ولذلك نهى الله عن مجرد قربان شيء منها فضلا عن الأكل, مبالغة في الابتعاد وسدا للذريعة, وتحذيرا من الأخذ ولو كان أقل القليل.

ومجيء النهي ثلاث مرات بضمير الجماعة إشارة إلى أن المجتمع مسؤول عن اليتيم والحفاظ على ماله من التلف والضياع (٢).

والنهي عن الاقتراب في الآية يشمل ما تتطلع إليه النفس من الفوارق الخفيفة والتحايل من استبدال شيء مكان شيء فيحصل بذلك استبدال الخبيث بالطيب, وقد نص الله على تحريم ذلك فقال: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (٢)} [النساء: ٢]. (٣)


(١) انظر: الكشاف (١/ ٢٤٧) , التحرير والتنوير (٤/ ٢٣٥).
(٢) انظر: التفسير الكبير (٢٠/ ٢٠٥) , التحرير والتنوير (٥/ ١٦٣) (١٥/ ٦٧ , ٩٦).
(٣) أضواء البيان (٦/ ٧٠).

<<  <   >  >>