للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والزوج ينفق على زوجته ويستودع منها ماله, والزوجة تلد من زوجها الأولاد, فالنكاح متصل بالرحم اتصالا قويا (١) , ولذلك فإن توريث الزوجين من بعضهما فيه صلة لما كان بينهما في حياتهما.

ولما كان الولاء شبيها بما يحصل بالنسب من النصرة والحماية, وأن السيد إذا أعتق مولاه ثبت له الولاء كثبات النسب للمولود, فقد أُلحق بأسباب الميراث تنزيلا له منزلة النسب (٢) فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الولاء لُحمة كلُحمة النسب لا تباع ولا توهب) (٣).

وبذلك يُعلم ما في التوارث من صلة للأرحام, ودوام للمودة, وإبقاء للمحبة بين أهل النسب والقرابة, ولكن إذا قطعت هذه الرحم بما يزهق الروح ويتلف النفس, فلا حق حينئذ للقاتل من الميراث فقد طغت شهوته وهواه وحبه للمال فأزهق ذو رحمه وقريبه ولذلك منع من أن يرث من المقتول, وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (ليس لقاتل ميراث) (٤).

وكذلك الكافر فإنه لا يرث فهو وإن كان قريبا من جهة النسب فقد قطع هذا القرب ببعده عن الدين, وأصبح في عداد الأموات, كما قال محمد بن عبد الرحمن البخاري: (إذا مات المسلم فالكافر لا يورث منه لأن الكافر ميت كما قال الله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: ١٢٢] والميت لا يرث الميت) (٥)


(١) انظر: حجة الله البالغة (٢/ ٩٤٩).
(٢) انظر: المصدر السابق (٢/ ٩٥٨) , فتح الباري (٥/ ٢٣٦).
(٣) رواه الدارمي في السنن, كتاب الفرائض, باب بيع الولاء, برقم (٣١٥٩) , وابن حبان في صحيحه, كتاب البيوع, باب البيع المنهي عنه, برقم (٤٩٥٠) , والحاكم في المستدرك, كتاب الفرائض برقم (٧٩٩٠) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وصححه الألباني (إرواء الغليل ٦/ ١٠٩).
(٤) أخرجه ابن ماجة في سننه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, كتاب الديات, باب القاتل لا يرث, برقم (٢٦٤٦) , والدر قطني في سننه, كتاب الفرائض والسير وغير ذلك, برقم (٨٣) , وعبد الرزاق في مصنفه, كتاب العقول, باب ليس للقاتل ميراث برقم (١٧٧٨٣). وهو مروي عن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما, وصححه الألباني مرسلا بلفظ (ليس للقاتل شيء) (الإرواء ٦/ ١١٦).
(٥) محاسن الإسلام (ص ٤١).

<<  <   >  >>