للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عند خشية حصول الفقر: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (٣١)} [الإسراء: ٣١]. فقدم رزق من يخشى حصول الفقر بسببه وهم الأولاد, ثم وعد برزقهم فقدم في كل موضع ما يقتضيه المقام (١).

ففي الآيتين إزالة لأدنى شبهة تعرض في هذه القضية.

• وفي القضية الثالثة: ذم تلك العادة الجاهلية التي كانوا يقومون بها ألا وهي وأد البنات ودفنهن أحياء بعد ولادتهن تشاؤما وخشية من العار والفقر, بل نهى عن ذلك وبين أن فاعل ذلك موقوف بين يدي الله وسائله عن جريمته فقال: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٥٩)} ... [النحل: ٥٨ , ٥٩] وقال: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧)} [الزخرف: ١٧]. (٢)

قال قتادة رحمه الله: (وهذا صنيع مشركي العرب، أخبرهم الله تعالى بخبث صنيعهم فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم الله له، وقضاء الله خير من قضاء المرء لنفسه، ولعمري ما يدري أنه خير، لرُبّ جارية خير لأهلها من غلام. وإنما أخبركم الله بصنيعهم لتجتنبوه وتنتهوا عنه، وكان أحدهم يغذو كلبه ويئد ابنته) (٣).

وقال تعالى مهددا من هذا الفعلة الجاهلية ومتوعدا لصاحبها بالعقاب: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩)} [التكوير: ٨ , ٩] , وذلك في يوم القيامة, تسأل تهديدا لقاتلها, وإذا سئل المظلوم فما ظن الظالم إذاً؟! (٤)

وهكذا دحض القرآن الكريم هذه الشبه وردها على أصحابها.


(١) انظر: درة التنزيل وغرة التأويل للاسكافي (ص ٩٩).
(٢) انظر: مقاصد الشريعة ومكارمها للفاسي (ص ٢٢٤).
(٣) أخرجه الطبري في التفسير (١٧/ ٢٢٨).
(٤) تفسير القرآن العظيم (٨/ ٣٣٣).

<<  <   >  >>