للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا؟ فقال: سعد بن أبي وقاص, قال: (عليك بهذه الثلمة فاحرسها) قالت ونام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعت غطيطه (١).

وهذا يدل على أثر السكون إلى الزوجة الصالحة وماله من أثر في تبليغ الدين والدعوة إلى الله, والقيام بما يصلح المجتمع.

فتأمل هذه الحكمة العظيمة من حِكم النكاح كيف جعلها الله عز وجل بين الزوجين بلا رحم بينهما, وذلك لما فيها من صلاح النفس والأسرة والمجتمع, وهذا من فضل الله ورحمته.

وقد روي أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبيّ الله لقد عجبتُ من أمر وإنَّه لعجب، إنّ الرجل ليتزوّج المرأة وما رآها وما رأتهُ قط حتى إذا ابتنى بها اصطحبا وما شيء أحبّ إليهما من الآخر, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (٢).

وهذا الذي ينبغي أن تكون عليه البيوت, أما إن حصل بين الزوجين من التنافر والشقاق ما لا يرجى فيه بعد ذلك سكون بعضهما إلى بعض فقد شرع الله للزوجين سبيلا للابتعاد حتى لا يكون ما هو سبب للسكون, سببا للاضطراب والشقاء والعداوة, فشرع للزوجين الطلاق (٣).

وهذا من حكمة الله تبارك وتعالى ورحمته بعباده في تيسير ما تسكن إليه نفوسهم وتبتهج به القلوب وتحصل به المودة والرحمة.


(١) رواه الواقدي في المغازي (٢/ ٤٦٣) , وللرواية أصل في البخاري (٦٨٠٤) ومسلم (٢٤١٠) ولفظه: (أرق النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فقال (ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة). إذ سمعنا صوت السلاح قال (من هذا)؟ قيل سعد يا رسول الله جئت أحرسك فنام النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعنا غطيطه, وفي لفظ مسلم (سهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدمه المدينة ليلة) قال ابن حجر: وليس المراد بقدومه المدينة أول قدومه إليها من الهجرة لأن عائشة إذ ذاك لم تكن عنده ولا كان سعد أيضا ممن سبق (فتح الباري ٦/ ٨٢).
(٢) أخرجه الثعلبي بسنده في تفسيره (٧/ ٢٩٩) ولم أقف على درجته.
(٣) انظر: التحرير والتنوير (٢٨/ ٢٩٦).

<<  <   >  >>