للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزوجات فلوا انتسب الأولاد لأمهاتهم, فإن الإخوة ينسبون لأكثر من امرأة والمولود له واحد وهو الأب وفي ذلك ضياع للقرابات والحقوق من الإرث ونحو ذلك.

وكذلك إن تزوجت المرأة برجل قبله أو بعده وأنجبت ذرية فإن الانتساب للأمهات حينها يفضي إلى اختلاط الأنساب وعدم معرفة الوالد.

ولذلك فقد حرم الله تعالى في كتابه العظيم الانتساب إلى غير الأب على أي حال فقال:

{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٥)} [الأحزاب: ٥] فلقد كان الرجل في الجاهلية إذا أعجبه جلَد رجل وظرفه ضمه إلى نفسه وجعل له نصيب الذكر من أولاده, فجاءت الآية بإبطال التبني وتحريمه, ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم ينسبون زيد بن حارثة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقولون: (زيد بن محمد) فلما نزلت الآية أمرت بالانتساب إلى الآباء فكانوا ينادونه (زيد بن حارثة) (١).

وأعظم حكمة في ذلك أنه هو العدل الذي أمر الله به, فهو عدل للوالد الذي نشأ منه الولد, وعدل للولد الذي يحمل اسم أبيه ويرثه ويورثه, وعدل عند الله تبارك وتعالى الذي شرّع هذا الحكم لما فيه مصلحة الولد والوالد والمجتمع بأسره, فإن الانتساب لغير الأب فيه ضياع للأعراض ودخول على غير المحارم من النساء, وتوريث من لا يستحق من الميراث.

ولذلك فإن نظام الأسرة الذي شرعه الله وهو النكاح وما يتفرع عنه من انتساب الأبناء لآبائهم فيه الخير والصلاح وحفظ الأعراض والأنساب.

ومهما اعتذر الناس بأي عذر في انتساب شخص لغير أبيه ولو لم يعلم نسبه فلا يجوز انتسابه لشخص آخر, بل يكون أخا في الدين أو مولى من موالي المسلمين, إلا ما حصل عن طريق الخطأ فهو معفوٌّ عنه كما نصت الآية الكريمة.


(١) أخرجه البخاري في كتاب التفسير, باب (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) برقم (٤٥٠٤) , ومسلم في كتاب فضائل الصحابة, باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد برقم (٢٤٢٥).

<<  <   >  >>