للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبين الله عز وجل أن عدة المطلقة المدخول بها ثلاثة قروء, وذلك في قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨)} [البقرة: ٢٢٨].

والقرء يطلق ويراد به الحيض ويطلق ويراد به الطهر والراجح أن المراد بالقرء في الآية الطهر (١).

وبهذه العدة تتحقق براءة الرحم, ويضمن حفظ النسب من أن يختلط ماء رجل بماء رجل آخر في رحم المطلقة (٢).

ولما كان من عادة النساء في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحق الولد بالزوج الجديد (٣) فإن كون العدة ثلاثة قروء, تجعل الزوج ينظر ويتحقق بما يظهر له من القرائن من حصول حمل من عدمه حتى يتحقق من براءة الرحم (٤).


(١) الذين قالوا: إن القرء الحيض: هم عمر وعلي وابن مسعود ومجاهد وقتادة, واستدلوا بحديث: (دعي الصلاة أيام أقرائك) , والذين قالوا إنه الطهر: عائشة وابن عمر وزيد بن ثابت وهو مذهب الشافعية والمالكية, واستدلوا بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} وبينت السنة أن شرط الطلاق أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه كما في الصحيحين من حديث ابن عمر (ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمره الله) أي أن بداية العدة في الطهر فدل على أن القرء في الآية الطهر, أما قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: (دعي الصلاة أيام أقرائك) فيقال: إن لفظ القرء مشترك بين الطهر والحيض ولا يمنع مجي السنة بأن القرء الحيض وجاء القرآن بأن القرء الحيض, ولا قرينة بين الحديث والآية ليحمل هذا على هذا فالحديث متعلق بالطهارة, والآية متعلقة بالمعاملات الزوجية. والله تعالى أعلم. انظر: (الجامع لأحكام القرآن ٤/ ٣٧) (التحرير والتنوير ٢/ ٣١٩) , (أضواء البيان ١/ ١١٠).
(٢) انظر: التحرير والتنوير (٢/ ٣٩٠) , (أضواء البيان ٢/ ٢٣٨).
(٣) كما أخرج الطبري عن قتادة. انظر: (جامع البيان ٤/ ٥٢١).
(٤) انظر: حجة الله البالغة (٢/ ١٠١٤).

<<  <   >  >>