ولذلك فإن قوم لوط عليه السلام حين استمرؤوا الفاحشة والوقوع فيها اعتبروا الطهر جريمة فقالوا عن لوط عليه السلام ما أخبر الله عنه بقوله: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢)} [الأعراف: ٨٢].
ولذلك فإن في النهي عن إشاعة الفاحشة صونا لعفة المجتمع.
ولعظمة هذا الأمر وأثره في فساد المجتمع توعد الله مجرد من يحب إشاعة هذه الفواحش ويستحبها بقلبه, فكيف بمن أظهرها ونشرها؟!
وسواء كانت هذه الفاحشة قد حصلت, أو لم تحصل, والثانية أشد وأعظم لما فيها من قذف الأطهار من الرجال والنساء فلذلك جعل الله عقوبة القاذف بدنية ونفسية ودينية فقال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)} [النور: ٤].
وفي ختْم الآية بقوله:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} أعظم تأديب للمؤمنين بأن يجتنبوا هذه الظاهرة السيئة لأنه سبحانه يعلم ما في ذلك من المفاسد فنهى العباد عنها وهم لا يعلمون ما يترتب عليها من الشرور والمصائب فيحسبون التحدث بذلك هينا وهو عند الله عظيم. (١)
(١) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (٣/ ٤٨٥) , التحرير والتنوير (١٨/ ١٨٤, ١٨٥).