للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إشارة إلى هذا المعنى, فقد كانت الضيافة شائعة من عهد إبراهيم عليه السلام ومن المواساة المتبعة عند الناس وخصوصا عند الحاجة لذلك, ومع ذلك فقد طلب موسى والخضر الضيافة ورفضا, فدل على لؤم تلك القرية, ولذلك أنكر موسى عليه السلام صنيع الخضر وإقامته الجدار دون مقابل في قوم لا يستحقون الإكرام (١).

ولو قام أهل القرية بالإطعام وحق الضيافة لحصلت المواساة والمودة ولما أنكر موسى عليه الصلاة والسلام هذا الصنيع من الخضر.

وقد جاء التصريح في السنة النبوية بإطعام الطعام والاجتماع عليه فعن وحشي بن حرب رضي الله عنه أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله إننا نأكل ولا نشبع, قال:

(فلعلكم تفترقون؟) قالوا: نعم قال: (فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه) (٢).

فيؤخذ من هذا الحديث فضيلة الاجتماع على الطعام وأن لا يأكل المرء وحده وأن المواساة إذا حصلت, حصلت النعمة معها والبركة فتعم الحاضرين.

ومن فوائد الاجتماع على الطعام ما يحصل من ائتلاف القلوب وكثرة الرزق وامتثال أمر الشارع لأنه تعالى أمرنا بإقامة الدين وعدم التفرق فيه ولا يستقيم ذلك إلا بائتلاف القلوب ومن أعظم ما يسبب التآلف الاجتماع على الطعام وشر الناس من أكل وحده (٣)

وإذا تأمل المتأمل كيف جعل الله الطعام والشراب مما يزرع الألفة والمحبة علِم عظمة الدين الإسلامي حيث دعا إلى التآخي في العبادات والمعاملات, وأن الأمة بحاجة إلى الاجتماع والتآلف حتى تستقيم لهم أمور دينهم ودنياهم.


(١) انظر: روح المعاني (١٦/ ٥) , التحرير والتنوير (١٦/ ٧).
(٢) أخرجه أبو داود في السنن كتاب الأطعمة, باب في الاجتماع على الطعام برقم (٣٧٦٤) , وابن ماجة في سننه كتاب الأطعمة, باب الاجتماع على الطعام برقم (٣٢٨٦) , وابن حبان في صحيحه كتاب الأطعمة, باب آداب الأكل برقم (٥٢٢٤) , وحسنه الشيخ الألباني (صحيح الترغيب والترهيب ٢/ ٢٤٢).
(٣) انظر: فيض القدير (٥/ ٧٥).

<<  <   >  >>