للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: التيسير ورفع الحرج في آيات المواريث]

من رحمة الله تعالى أن جاءت جميع شرائع الدين مبنية على التيسير والتخفيف فما من حكم من الأحكام إلا ويحمل تخفيفا للعباد وتيسيرا عليهم.

وأحكام المواريث وما ورد فيها من آيات من جملة أحكام الشريعة السمحة التي جاءت بالتيسير وللتيسير.

بل إن هذه الأحكام وصى الله بها, فدلت على رحمة الله بعباده وأنه أرحم بعباده منهم وهذه الرحمة تقتضي التيسير والتخفيف على العباد (١) , ثم بين الله تعالى في هذه السورة أيضا أنه يريد بهذه الأحكام التخفيف على عباده فقال: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)} [النساء: ٢٨] فالإنسان ضعيف لا يتحمل المشاق, ولا يدرك ما يصلحه إلا بنور الوحي, ولذلك فكل ما ورد من أول سورة النساء من أحكام على وجه الخصوص وغيرها على وجه العموم تخفيف من الله تعالى لعباده (٢).

وفي هذا الفصل بإذن الله سأعرض إلى صور ومظاهر هذا التيسير:


(١) انظر: تفسير القرآن العظيم (٢/ ٢٢٥).
(٢) انظر: روح المعاني (٥/ ١٤) , التحرير والتنوير (٥/ ٢٢) , واعلم أن كثيرا من المفسرين يفسر التخفيف في الآية بالتخفيف في نكاح الإماء ولا يمنع أن تشمل الآية جميع ما ورد في الآية, قال ابن عاشور: (وقد فسّر بعضهم الضعف هنا بأنّه الضعف من جهة النساء. قال طاووس ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في أمر النساء وليس مراده حصر معنى الآية فيه، ولكنّه ممّا رُوعي في الآية لا محالة، لأنّ من الأحكام المتقدّمة ما هو ترخيص في النكاح) المصدر السابق, وقال ابن عطية في تفسيره بعد ذكر قول جمهور المفسرين: (ثم بعد هذا المقصد تخرج الآية في مخرج التفضل، لأنها تتناول كل ما خفف الله تعالى عن عباده، وجعله الدين يسراً، ويقع الإخبار عن ضعف الإنسان عاماً، حسبما هو في نفسه ضعيف يستميله هواه في الأغلب .. ) (٤/ ٢٣).

<<  <   >  >>