للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هلال: والله يا رسول الله إني لأرى الكراهة في وجهك مما أتيتك به، والله يعلم أني صادق وما قلت إلا حقا، فإني لأرجو أن يجعل الله فرجا، قال: واجتمعت الأنصار، فقالوا: ابتلينا بما قال سعد، أيجلد هلال بن أميَّة، وتبطل شهادته في المسلمين؟ فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضربه، فإنه لكذلك يريد أن يأمر بضربه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه، إذ نزل عليه الوحي، فأمسك أصحابه عن كلامه حين عرفوا أن الوحي قد نزل حتى فرغ، فأنزل الله {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٦] إلى قوله: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩)} [النور: ٩] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبْشِرْ يا هِلالُ، فإنَّ الله قدْ جَعَل فَرَجا " فقال: قد كنت أرجو ذلك من الله ... ) الحديث (١)

فتأمل كيف جاءت هذه الآيات رافعة للحرج ومخففة على الزوج.

ثم ذكر تعالى بعد هذه الآيات لطفه بخلقه، ورأفته بهم، وأنه شرع لهم الفرج والمخرج من شدة ما يكونون فيه من الضيق، فقال: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} أي: لحرجتم ولشق عليكم كثير من أموركم {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ} على عباده -وإن كان ذلك بعد الحلف والأيمان المغلظة- {حَكِيمٌ (١٠)} [النور ١٠] فيما يشرعه ويأمر به وفيما ينهى عنه (٢).


(١) رواه البخاري في صحيحه, كتاب التفسير, سورة النور, برقم (٤٤٧٠).
(٢) تفسير القرآن العظيم (٦/ ١٥).

<<  <   >  >>