للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج الطبري (١) بسنده عن قتادة (٢) قال: (اتقى الله شاهدٌ في شهادته، لا ينقص منها حقًّا ولا يزيد فيها باطلا. اتقى الله كاتب في كتابه، فلا يَدَعنَّ منه حقًّا ولا يزيدنَّ فيه باطلا) (٣)

ثم ختم الله جل وعلا هذه الآية وما فيها من أحكام في الإشهاد والكتابة والنهي عن الإضرار بقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٨٢)} [البقرة: ٢٨٢] , فأمرهم بالتقوى وبين ثمرتها المترتبة عليها وأن التقوى سبب من أسباب إفاضة العلوم (٤).

وختْم الآية بتقوى الله وإحاطته وعلمه بجميع الأمور في غاية المناسبة لما يفعله المتعاملون من الحيل التي يحاول كل واحد منهم أن يبخس غيره ويجلب الحظ لنفسه، كما في الختْم بالتقوى ترغيب في امتثال ما أمر الله به من أحكام في هذه الآية, وهذا الختم جامع لبُشرَى التعليم ونذارة التهديد. (٥)


(١) محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، الإمام العلم المجتهد المفسر، أبو جعفر الطبري، من أهل آمل بطبرستان مولده سنة ٢٢٤, كان من كبار أئمة الاجتهاد, له كتاب (أخبار الأمم وتاريخهم) , كان ثقة صادقا حافظا رأسا في التفسير إماما في الفقه والإجماع والاختلاف، علاّمة في التاريخ وأيام الناس، عارفا بالقراءات وباللغة، وغير ذلك, توفي سنة ٣١٠ هـ (سير أعلام النبلاء ١٤/ ٢٦٧)
(٢) قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز السدوسي أبو الخطاب, ولد سنة ستين, روى عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وأبي العالية, وروى عنه أيوب السختياني, ومعمر بن راشد والأوزاعي, وهو حجة بالإجماع إذا بيّن السماع فإنه مدلس معروف بذلك، وكان يرى القدر، نسأل الله العفو, ومع هذا فما توقف أحد في صدقه وعدالته وحفظه, وعن عبد الرزاق عن معمر قال: قال محمد بن سيرين: (قتادة أحفظ الناس، أو من أحفظ الناس) وقد كان رأسا في العربية والغريب وأيام العرب وأنسابها توفي سنة ١١٨ هـ. (السير ٥/ ٢٦٩ - ٢٨٣)
(٣) جامع البيان (٦/ ٨٦)
(٤) انظر: التحرير والتنوير (٣/ ١١٨).
(٥) انظر: نظم الدرر, البقاعي ١/ ٥٤٩.

<<  <   >  >>