للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكرر الخطاب للمدين بتقوى الله في رد الأمانة وهي الدَّيْن, وخوطب الدائن كذلك بتقوى الله في رد الأمانة وهي الرهن، وقد عبر الله جل وعلا بالأمانة لما في هذا الاسم من مهابة في النفوس، ولأن عدم الوفاء بالأمانة يعتبر خيانة وذلك ما تستنكره النفس أن توصف به (١) , وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

(أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) (٢) ,والتقوى مانعة من بخس الحق ومن ضياع الأمانة (٣).

وقد أكد النبي - صلى الله عليه وسلم - على تقوى الله في جميع المعاملات المالية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُه). (٤) فقوله: (التقوى ههنا) إشارة لكونها تحجز العباد عن هذه المعاملات المشينة.

وهكذا فإن الشريعة الإسلامية جاءت بالتأكيد على التقوى في المعاملات المالية وذلك أن المال مادة البدن، والبدن تابع للقلب، فإذا صلح القلب بالتقوى صلح سائر البدن وإذا فسد القلب فسد سائر البدن فيحصل التعدي والظلم الذي هو خلاف التقوى (٥) وقد قال


(١) انظر: التحرير والتنوير (٣/ ١٢٢)
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب الإجارة، باب الرجل يأخذ حقه من تحت يده برقم (٣٥٣٤) والترمذي في كتاب البيوع، باب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الذِّمِّيِّ الْخَمْرَ يَبِيعُهَا لَهُ، برقم (١٢٦٤)،صححه الشيخ الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (١/ ٧٨٣) برقم (٤٢٣)
(٣) أضواء البيان, الشنقيطي (٥/ ٢٩٨).
(٤) رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله برقم (٢٥٦٤)
(٥) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (٣٢/ ٢٣١).

<<  <   >  >>