للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنهي لا يقف عند المحرمات البيِّنة فحسب، بل إن الكمال وصلاح الدين إنما يكون بالبعد عن المعاملات المشتبهة, لأن الولوج في هذه الشبهات وقوع في الحرام, كما ثبت عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام .. ) الحديث (١).

فإذا وُفِّق العبد لتقديم حق الله عند تعارض المصالح أثمر ذلك في قلبه توكلا على الله واعتمادا عليه, وحسن ظن به، كيف لا .. وقد فوّض أمره إلى خالقه ورازقه (٢).

وقد تجلت هذه الثمرة في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما أوصى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قائلا: يا غلام إني أعلمك كلمات (احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك, رفعت الأقلام وجفت الصحف). (٣)

فعلى العبد أن يسعى إلى براءة دينه وعرضه, وأن يبعدها عما نهى الله من الانشغال بجمع المال والتجارة عن القيام بحقوق الله والسعي إليها, فإن ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين.


(١) رواه البخاري, كتاب الإيمان, باب فضل من استبرأ لدينه, برقم (٥٢) , ومسلم, كتاب المساقاة, باب أخذ الحلال وترك الشبهات, برقم (١٥٩٩).
(٢) انظر: الموافقات, (٣/ ٢٢٣).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (٢٦٦٩) , والترمذي، في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع, برقم (٢٥١٦) وقال: حديث حسن صحيح.

<<  <   >  >>