للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد يريد الموصي أن يوصي بما فيه إضرار بورثته سواء عن طريق الخطأ أو عن طريق العمد أو بتحايل, كأن يوصي لزوج ابنته ليكثر مال ابنته إلى غير ذلك من الأشكال, فإن علم الولي أو المصلح بذلك فنهاه عن الجور في الوصية وأمره بالعدل والإحسان فيها _ وهذا غاية الصلح_ فإن الله تعالى غفور للموصي فيما حدث به نفسه من الظلم والجور إذا لم يقع منه, رحيم بالمصلح الذي منع الظلم أن يقع وحرص على أن تصل الحقوق إلى مستحقيها بالعدل والإحسان. (١)

والله سبحانه غفور للمصلح كذلك حال تبديله للوصية فإن الله عز وجل لما نهى عن تبديل الوصية في الآية السابقة بين في هذه الآية أن التبديل هنا مخالف للتبديل في الآية السابقة لأنه بدّلها من الجور إلى الحق والعدل وهذا هو المطلوب ولهذا بين الله تعالى أنه لا إثم عليه بل غفور له فيما أخطأ فيه بعد الاجتهاد وغرضه الوصول للحق رحيم يفعل به من الإكرام فعل الراحم بالمرحوم, حيث رحم الموصي وخشي عليه الوقوع في المعصية والظلم عند موته.

والله سبحانه وتعالى يجازي من ترك بعض حقه لأخيه وتسامح في هذا الحق بالمغفرة والرحمة, لأن من سامح سامحه الله.

وهو جل شأنه غفور للميت الجائر في وصيته إذا احتسب أولياؤه التسامح فيما بينهم لأجل براءة ذمته (٢).

وبهذا تتبين الحكمة العظيمة من ختم هذه الآية بقوله: (غفور رحيم) وهي تطبيق مراد الله تعالى بتنفيذ الوصية المشروعة بالعدل والإنصاف بدون ميل أو ظلم. (٣)

كما أن تغيير المنكر والأمر بالمعروف يحصل بهما المغفرة والرحمة من الله تعالى (٤).


(١) {انظر: جامع البيان (٣/ ٤٠٦ - ٤٠٨).
(٢) {انظر: التفسير الكبير (٥/ ٧٣) , نظم الدرر (١/ ٣٣٦) , تيسير الكريم الرحمن (ص ٨٥).
(٣) {انظر: التحرير والتنوير (٢/ ١٥٤).
(٤) {انظر: تيسير الكريم الرحمن (ص ٨٥).

<<  <   >  >>