للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتيج إلى دخول القضاة في الإصلاح ظهرت حينئذ محاسن تصرّفاته، ورقص (٣٤٢) الناس طربا لبدائع كلماته، وبانت آثار عقله، واتّضحت دلائل متقن فعله، ودبر المملكة بجليل آرائه، واستفرغ في إصلاح ذات البين جهده، وظهر بذلك عظيم صبره، وحسن بلائه، وثبت أساس الأمن بعد اختلاله، وضمّ شمل المسلمين بعد انحلاله، وهو مع القدرة على التعبير عمّا في نفسه بجواب سريع، وقول بديع يأتي به مع كونه في غاية الرشاقة، محتملا بغير معنى، قلّ أن يتكلم إلا على هذا النمط: البلاغة فيه سجية لا يتكلفها، وكذا كتابته على القصص، لا يرد قصة إلا مكتوبا، عليها تارة يمنع وتارة يعطى بعبارات متنوعة وإشارات مخترعة، وقد صار إلى رياسة ضخمة ورفعة عظيمة وحشمة، وهو زمام الناس الآن: رؤوس المفسدين بوجوده مطرقة، وباعاتهم طول الأيام قصيرة لا سيما في نصر (٣٤٣) السّنّة والذبّ عن حماها، لا يتجاسر أحد على رواية حديث باطل، وإن رواه أسرع الناس إلى استفتائه عليه فيتبيّن الحال فيخسر هناك المبطلون، وينقمع الملحدون، وكلامه في ذلك غاية المطالب، ونهاية الرغائب، أكبّ الناس ستة أزمان على التردد إليه، والاستفادة مما لديه حتى ملأت تلامذته الآفاق ولا يحصون كثرة، وأسروا في أرجاء الأقطار فلا يحيدون عنه، يخالط الناس ويصبر على أذاهم.

و [هو] (٣٤٤) ممن سهل له

الرسول بقوله «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم» خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم» رواه الطيالسي في مسنده من حديث ابن عمر الذي أشار إليه إمامنا الشافعي مما كان يتمثل به.

أهين لهم نفسي لأكرمها بهم … ولن تكرم النفس التي لا تهينها


(٣٤٢) في السليمانية «ورفض الناس حتى رقصة طربا» ولا معنى لهذه العبارة.
(٣٤٣) في السليمانية «نص».
(٣٤٤) أمامها في هامش تونس «حديث عظيم».

<<  <  ج: ص:  >  >>