للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجلد، عنده من الكتاب الواحد عدة نسخ، يراجع كلا منها بل ويراجع أصولها وأصول أصولها، ما بينه وبين الكلام إلّا أن ينظره فيعرف من أين أخذه قائله، ومن أين أخذه (٣٦٢) ذلك المأخوذ منه، فعله في ذلك يشبه القيافة (٣٦٣).

ومما شاهدت منه في هذا من الغرائب أنى قرأت عليه في شوال سنة (٣٦٤) ست وثلاثين [بقرية] جبريل (٣٦٥) من قرى حلب: «الأربعين حديثا» تخريج علي بن سلمان الناصري من مسموعات أبى عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن المجير (بالياء التحانية)، ولم يكن معه إذ ذاك كتاب يشغل بمطالعته وقته، فأخذ الجزء منى فنظر فيه فعرف من أين خرجت تلك الأحاديث لابن المجير، فساق من حفظه إلى كل جزء أو كتاب خرج منه حديثا منها اسنادا لنفسه أعلى من إسناد الأصل، ولم يخف عليه من ذلك سوى الحديث الرابع، عرف أنه من أحد معاجم الطبراني ولم يعلم من أىّ معجم، والحديث السابع عشر عرف أنه من مجالس الفخري ولم تحفظ ذلك الوقت إسناده إليه.

وقرأت عليه بتلك الأسانيد التي خرّجها بحضوري من كان هناك من علماء حلب، وهذا أمر كما ترى مدهش.

ولقد كثر نفع الطلبة بما آل إليه أمره من الكتب، فما رأيت من يماثله في ذلك ولا يدانيه، حتى أنه ليعير من لا يعرفه بعض مصنفاته التي بخطه وغير ذلك من مصنفات من قبله، ولا يستخبره عن اسمه، وتضيع له بسبب ذلك كتب فيحتسبها، وربما باعها من أخذها فيسمع بها فيشتريها ولا يؤذى أحدا، ولا يكفّه ذلك عن الإعارة.


(٣٦٢) في الأصول «يأخذه».
(٣٦٣) القيافة بكسر القاف هي تتبع الأثر، انظر القاموس المحيط مادة قوف.
(٣٦٤) كان ابن حجر في هذه السنة في سفرته مع السلطان برسباى في حملته إلى آمد، ولكنه تخلف في حلب.
(٣٦٥) وقد يقال. قورسطايا بضم القاف وسكون الواو وفتح الراء وسكون السين المهملة وطاء مهملة والف وياء والف، من قرى حلب من ناحية عزاز ويعرف أيضا بجبرين الشمالي. راجع في ذلك: ياقوت معجم البلدان، مجلد ٢ ص ٩٩ - ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>