قال: وكنت بائتا مرة في بيت وحدى، فطرق الباب في بعض الليل فقلت: من؟ فقيل:
رجلان من الجنّ، ففتحت لهما الباب فدخلا فسلّما ثم جلسا بين يدي، فقلت: مرحبا بكما، ألكما حاجة؟ فقالا: نعم، اختلف الجنّ في مسألة وطال نزاعهم فيها، فأرسلونا إليك. فقلت: وهل تعرفوننى (٣٢)؟ فقالا: سبحان الله! نعم، هم يعرفونك ولا تعرف بينهم إلا بشيخ الإسلام، وهم يقبلون قولك. فأفتيتهما في المسألة وانصرفا.
وأنشدني البرهان الباعوني ﵀ يوم السبت أول جمادى الأولى سنة ٤٩، قال: كتب إلىّ الصدر بن الآدمي من مصر وقد أبطأت عنه كتبي:
خليلىّ إبراهيم بالغت في الجفا … وأنت إلى قلبي الكليم حبيب
وفي غربتي قصدي إليك تقرّب … وكل غريب للغريب نسيب
قال: فأجبته بقولي:
فديتك لا والله ما كنت جافيا … لمثلك يوما والإله حسيب
وما حلت عن ودى وصدق محبّتى … وإنّي مقيم ما أقام عسيب
قال:
وأرسلت إلى البرهان بن الكشك ما جنا، وكان عشير الصدر بن الآدمي:
هل لك إبراهيم في قهوة … أرسلها يوم الثلاثاء إليك؟
حمراء كالنار ولكنها … في الكأس برد وسلام عليك
قال فأجاب عنه الصدر بن الآدمي:
يا راعى الحمراء إن سقتها … جئناك بالخيل سباقا إليك
وإن تجاهلت ولم تعتمد … ما نبتغيه فسلام عليك
قال: وكنت أراسل ابن الآدمي كثيرا في أوصاف الخمر وما يلائمها فيحتاج إلى الجواب، فقال تشتهى أن الشيخ عنى هذا فإني منسوب إلى شئ من أحوالها وأما الشيخ فمعلوم عند كلّ أحد برأيه في ذلك، فذكرنا لهذا يضرنا ولا يضرّه، فكتبت إليه قولي:
(٣٢) أي الجن.