وأراجيزه غالبها من الكامل، وهو وإن كان يجوز وينصرف النظم إلى الكامل لكن لم أر من سبقه إلى تشطير الكامل كما يشطّر الرجز في المنظومات العلمية، وذلك كقوله في منظومته التي أولها:
الحمد للّه القدير الوارث … ومشى منها إلى أن قال:
وسبق بيت فيه إبهام حصل … فالوارثون [هم] الرجال لا خطل
وفسر الفاتحة، ومن أوائل سورة النبأ إلى آخر القرآن في مجلد سماه له بعض الأصحاب: سراج الإغراب في التفسير والمعاني الأغراب، شحنه فوائد وأجاد فيه، من محاسنه قوله ما معناه: إنما شرع للعبد أن يقول في الصلاة في محل الترقق والتخضع:
إياك نعبد-بالنون-ليخبر عن عبادته وعبادة غيره في نون الجمع، فيكون ذلك وسيلة إلى القبول، فإن الإنسان إذا باع آخر جمعا من العبيد فليس له أن يقبل عقد البيع في بعضهم دون بعض، بل إما أن يقبل الجميع أو يرد الجميع. قال: وإذا كان قبول البعض ورد الباقي لا يليق في أفعال العباد مع بعضهم بعضا، فكيف بكرم اللّه ﷻ، والجميع أبعد في عظيم مواهبه وجزيل نعمه. فتعين قبول الجميع.
ومن ذلك في الصفات التي لا يليق نسبة معانيها إلى اللّه تعالى كالغضب مثلا، فإنهم قالوا: هو دم مغلى في القلب، فلا يوصف اللّه تعالى بهذا، قال: ما كان مثل هذه الصفة فإنه طرفين، فابتداؤه غليان الدم في القلب، وآخره أراد الانتقام من المغضوب عليه، وهو لائق بجلال اللّه تعالى. والرحمة رقة القلب وعطفه ولا يليق نسبة ذلك إلى اللّه تعالى، فانظر إلى طرفها الأخير تجده .... (١) والإنسان للمحبوب، فيليق نسبته إلى الباري عز وعلا.
وشرح منظومة ابن الشحنة في المعاني والبيان في مجلد.
لقيت الشيخ سراج الدين يوم الأربعاء حادي عشرى رمضان سنة ٨٣٨ هـ، فرأيته إنسانا جيدا، عنده مروءة وعقل معيشى، وأدب وكيس. وهو ضابط متقن ثقة متيقظ، أملانى أولا جل هذه الترجمة أو كلها. فلما أحضر الإجازات وجدت غالب ذلك بحروفه، وإجازتها بأشياء تلوتها فظهر بها أمانته ودينه وتثبيته. وأخبرت أنه رأى دنيا عظيمة ودائرة واسعة، ثم نزل به الحال.
وأخبرني أنه تردد إلى القاهرة مرارا لقى في إحداها الزين العراقي ببولاق، وسأله الإجازة فشافهه فيها سنة ثلاث وثمانمائة، بعد أن كان كتب له على استدعاء سنة تسع