وحيّا زمانا كنت فيه منعما … بظل أراك (١) حيث كنت أراك
أنادى صريحا في حماك ومقصدى … نداك لفقرى أو سماع نداك
فإن شئت طردى عن هواك وسلوتى … وبعدى وكان البعد فيه رضاك
فهاتى فؤادي والكرى وشبيبتى … وعقلي وأحشائى وهاك هواك
رعا اللّه أوقاتا تقضّت لنا معا … بأكناف ربع بالمشفع ذاك
نبي الهدى فهو الأمان لخائف … وذخر لعبد في البرية شاك
فلولاه ما شدت إليك رواحلى … تروم الصفا في عيشها بصفاك
تسير عشاء في الفلا وصبيحة … عسى أن تراك أو تمس ثراك
أيا سيد الكونين قلبي مروع … بذنبي وطرفي بالخطيئة باك
عبيدك محب الدين يا سيد الورى … رهين دنوب فامنحن بفكاك
عليك سلام اللّه ما أظلم الدجى … ولاح السنا من فرقد وسماك
وكذلك:
يا سليمى في الورى ما انسكك … عن وصالى خبري من أمسكك
فتّكت عيناك فتكا في الحشا … وبأرباب الهوى ما افتكك
فارق الصب كراه والهنا … حين أمسى عالقا في شركك
أنت شمس الحسن يا ذات اللما … وفؤاد الصب أضحى فلكك
أنت يا سلمى لنا مالكة … ليت شعري في الهوى من أملكك
وكذلك:
هيفاء مكحولة بالسحر والدعج … للّه كم فتنت بالجفن من مهج
بي غادة لدىّ ضيق الغرام بها … فالضيق في حبها أحلى من الفرج
بمبسم شهد الدر الثمين له … بالفضل أو لم يهنه غائص اللجج
رمت فؤادي بسهم اللحظ فاحتزنت … وسهمها في سرى الأحشاء لم يلج
أرقت على عطفها لما انثنت شعرا … تها وقد غطت البلور بالسبج
كادت تحاكى هلال الشك رؤيتها … لولا النحول وما فيه من العوج
وقد عدت مثل بدر التمّ طلعتها … لكنها فوق آلاف من الدرج
تغنى عن الشمس يوم الغيم بهجتها … وفي دجى الليل تغنينا عن السرج
قالت لمن لامها في قتل عاشقها: … دع الملام فما في ذاك من حرج
وكم لها حجة من الصد قاطعة … لصبها هي أدرى الناس بالحجج
(١) يقصد به شجر الأراك المعروف.