وأول اشتغاله بالتصنيف كان في سنة ستّ وتسعين، وخرّج فيها: المائة العشارية لشيخه البرهان الشامي.
وأول ما استقر في تدريس الحديث كان في الشيخونية في سنة ثماني مائة، ثم في تدريس الفقه بها، وفيها ابتدأ الإملاء في تلك السنة فأملى الأربعين المتباينة، وأملى في غيرها عشاريات الصحابة، ثم استقر في مشيخة البيبرسية ثم تدريس الحديث بها عن قرب من ذلك، وأملى فيها أشياء تثريه، ثم تخريج أحاديث ابن الحاجب، ثم تخريج أحاديث الأذكار وهو الآن (٢٩٩) يملى فيه بها، أعانه الله على إكماله، وقد وصل في استقبال سنة ست وأربعين إلى المجلس الثامن بعد الأربعمائة في أثناء الجنائز.
قال المحدث تقى الدين بن فهد:«رحل إلى دمشق بعد الثمانمائة فسمع بها من أصحاب الحجار ومن هم أقدم منه ممن حضر على القاسم ابن عساكر ومن قرب منه.
«وكان في أكثر طلبه مفيدا في هيئة مستفيد إلى أن انفرد في حال الشبوبية من أهل زمانه بمعرفة فنون الحديث لا سيما رجاله وما ينقلونه ويتعلق بهم، وصنّف التصانيف المليحة الجليلة السائرة الشاهدة له بكل فضيلة». انتهى.
قال الفاسي: «رحل إلى دمشق وأنا في رفقته فقرأ بها أكثر المختار للحافظ ضياء الدين المقدسي على فاطمة بنت محمد بن أحمد بن المنجى التنوخي، عن القاضي سليمان بن حمزة أذنا، عن الحافظ الضياء سماعا، وما لا يحصى كثرة من الأجزاء والتعاليق التي انتخبها وأنا معه فيما قرأه من المختار وأكثر ذلك، وقرأ بها وسمع بصالحية دمشق كثيرا فمن ذلك الموطأ رواية أبى مصعب على بدر الدين محمد بن محمد بن محمد بن العسقلاني، وسنن الدار قطني، وأكثر ما سمعه بقراءتي، والمعجم الأوسط للطبراني، سمع بعضه وقرأ بعضه على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي بإجازتها من ابن نصر
(٢٩٩) تشير كلمة «الآن» إلى إن البقاعى كتب هذه الترجمة إلى هذا الحد في حياة ابن حجر نفسه.