للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابى النجوم الزاهرة والمنهل الصافى وغيرهما من أمهات المصادر التاريخية، فهو يقول عنه: «إنه عامى داص … بكتب كتابة ما تصدر عن صغار الكتاب المتعلمين من تصحيف وزيادة فى الأحرف ونقص ولحن مفرط، حتى إن الضّاد الساقط يكتبها منشالة وضد دلك»، وهذه العبارة على قصرها لا تستطيع الصمود أمام النقد لما فيها من خطأ فى التعبير؛ على أننالو عضضنا الطرف عن ذلك فإن مثل هذا النقد ربما كان مقبولا لو أنه صدر عن رجل غير ابن الصيرفى، وقد نقبله إلى حد ما حين يقول رجل كالسخاوى فى وصف أحد مؤلفات ابن تغرى بردى إن فيه «الوهم الكثير والخلط الغزير»، أما أن يقوله ابن الصيرفى فمكابرة ومغالطة وكان أحرى به أن يعتصم بالصمت فى هذا المجال فما هو من فرسانه، ذلك أنه هو نفسه كثير الأخطاء النحوية واللغوية، وفى أسلوبه - حين يحاول الفصحى التامة - بعض - إن لم يكن كثير - من الغموض، ولقد أشرنا فى الحواشى إلى بعض أخطائه التى صححناها فى المتن، ومنها كلها نستدل على ما يمكن أن يغمز به من هذه الناحية، وأنّه آخر من يحقّ له أن يضع نفسه من أبى المحاسن موضع الناقدمن المنقود والأستاذ من التلميذ فى هذا الباب، وغاية ما يمكن أن يقال عن ابن الصيرفى - كما أشرنا - إن أسلوبه هو بداية أسلوب الكتابة التاريخية التى أخذت فى الظهور بصورة جلية فى مصر وللتى يمثلها ابن إياس الحنفى الذى يكاد يكون عامى العبارة كثير الأخطاء اللغوية، وهذا الضرب من تدهور الكتابة التاريخية يظهر بتوسعه فى استعمال اللهجة المحلية الدارجة بقواعدها الشاذة واشتقاقاتها وتراكيبها ومصطلحاتها التى تكاد تجعل منها لغة غريبة عن الفصحى فى الربع الأخير من القرن التاسع الهجرى فى مصر على وجه الخصوص قبل الاحتلال العثمانى، الذى وجد السبيل أمامه ميسرة فى زيادة الاضطراب اللغوى، وإن كانت مقومات العربية الفصحى وحفظ القرآن وروايته الحديث - حتى فى عهود الضعف - حافظت

<<  <  ج: ص:  >  >>