«هو ما تأدّب بالخروف الذى تقدّمه فى دولة الظاهر خشقدم»، وفتح له صاحب هذه القضية مجلسا فى رحبة الأيدمرى بجوار مدرسة الأمير بردبك الذى كان دويدار الملك الأشرف إينال، وعندما جلس به منع شهوده وعجزوا فيه أن يعيدهم، حتى إن عظيم الدولة فى عصره المقر الأشرف العالى ابن مزهر الأنصارى كاتب السر الشريف أرسل له رسالة بسببه على يد صاحبه وخصيصه الشيخ نجم الدين بن عون الشافعى فلم يقبل الرسائل وردّها ردا شنيعا ولم يلتفت لأحد، وصار ساكنا بالحارة المذكورة يضرب ويرشى ويكشف الرءوس ويسجن، ويبلغ مستنيبه ذلك فلا يكلّمه ببنت شفة، بل لما بلغه أن المقر الكريم العالى الزينى ابن مزهر الأنصارى سأل فى الشهود وامتنع كتب لهم بعدم المنع ورفع التعزير، ومع ذلك فلم يمتثل له أمرا.
واتفق فى غضون ذلك أن امرأة -[كانت] زوجا لشخص صاجاتى بالبند قانيين (١) تحتمى عند شخص من الأمراء العشرات يسمى أزدمر من إخوة المقر الأشرف العالى قانصوه الأحمدى الخسيف أحد المقدمين الألوف - وقفت لهذا القاضى وطلبت زوجها من عنده فأرسل إليه رسولين، فلما وصلا إليه توجه معهما إلى بيت أزدمر المذكور واحتمى به، ومباشر أزدمر أخو نور الدين بن عرب فكتب بخطه ورقة إلى القاضى يعلمه أن هذا المطلوب من جهة الأمير، وأن زوجته لها ثلاثة أيام غائبة من بيتها، وأنهما تقدم لهما دعاوى ببيت قاضى القضاة سراج الدين بن حريز المالكى، وأن المصلحة إرسال هذه المرأة، فلما وصلت إليه الورقة قام وقعد وزبد وأرغى وتوجه إلى مقدّم المماليك السلطانية الأمير سيف الدين مثقال وأعلمه بصورة الحال، ووافق أن الأمير مقدم المماليك بينه وبين ابن عرب وقفة بسبب أوقاف تحت نظره، وأولاد [ابن]
(١) ويعرف بسوق البند قانيين وكان يعرف قديما بسوق بئر زويلة بالقاهرة، وكان من من أكبر أسواقها راجع المقريزى: الخطط ٢/ ١٠٣ - ١٠٤.