للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ المذكور عن ذلك فتغافل عن الجواب، فألزمه وألححت عليه فأخبرنى بذلك من لفظه، ولعمرى فهذه العلوم التى سردناها والشيوخ الذين حضر عليهم ما استفاد منهم مسألة وسلمنا أنه ما استفاد، فلعمرى هذا الصنيع الصادر منه فى تاريخه وغيره من اللحن والتصحيف والزيادة فى الحروف المكتوبة والنقص ما استيقظ أنه كلما فرغ من تصنيف يتوجه به إلى من يعرف العربية فيصلحه له ويصير له به مزية، لكن إذا أراد الله أمرا بلغه، وقد ذكر غيرى ممن هو مشتغل بهذا الفن نحو ما ذكرت ونقل عنه أشياء مفصلة من التصحيف والتبديل والتغيير، بحيث أن كتبه إذا نظر فيها من له أدنى معرفة يرميها من يده لما يمجّه الطبع المستقيم مما يراه واقعا فيها من اللغط والخباط المتقدم ذكره.

وأما تعصبه فى تاريخه فهو خارج عن الحدّ لأن منصور (١) بن صفى الذى كان كاتبا فى بيت الأمير قانم من صفر خجا صاهر الأمير زين الدين الأستادار فقرّبه وأكرمه وزوجّه ابنته وجعله ناظر الديوان المفرد فرافعه وأخذ وظيفته وفعل به ما لا يجوز، وهذا دأب المباشرين، غير أنه كان يطنب فى وصف منصور ويرقّيه إلى الأوج وببالغ فى الحط على زين الدين حتى يبلغ به إلى الحضيض كون زين الدين قطع معاليمه وكون منصور أعادها (٢) له، وعندى أن هذا ليس تحته طائل فإن الحقّ أحقّ أن يتبع والصدق جدير بأن يستمع، وكان عفا الله عنه مغرضا فى مثل هذه الأمور فإنه بالغ فى التعصب أيضا مع الأمير جانبك الظاهرى


(١) هو منصور بن الصفى القبطى، كان أبوه من الكتبة فنشأ الا بن على طريقته، راجع ترجمته بالتفصيل فى السخاوى: شرحه ١٠/ ٧١٦؛ أما قانم الذى يشير إليه الجوهرى فى المتن فيعرف بالتاجر، وهو الذى أرسله الأشرف برسباى إلى بلاد الجركس لإحضار أقاربه، وقد أنشأ مدرسة على ظهر الكبش قرب جامع ابن طولون، راجع الضوء اللامع ٦/ ٦٩٥.
(٢) فى الأصل «أعادهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>