من عند الباعة بنصفين القدح، غير أن الفاكهة والبطيخ رخيصان، والعبدلى كذلك.
وأما الناس فصاروا ثلاثة أثلاث: الغنى افتقر، والمتكسب ما يفى بنفقته، والفقير فبعد أن كان يسأل فى الرغيف صار يطلب لقمة أو لبابة.
وأما غير ذلك فمن جهة: الظلم والجور والأحكام الباطلة وانتهاك حرمة الشرع وبهدلة القضاة والفقهاء وعدم نصرة المظلوم، وفشا هذا الأمر وانتشر فأهلك الله من يؤذى المسلمين، وصار من قدّمنا ذكرهم من القضاة والشهود والرؤساء وأصحاب الوظائف على قلبهم الوجيف بواسطة حكّامهم كالأمير إينال الأشقر وأمثاله كالمحتسب فإنه فعل مع الذين يقرؤن القرآن احتسابا عند الإمام الليث يبتغون بذلك وجه الله فمنعهم من القراءة بشروط، وكفعله مع قضاة الإسلام فى إبطال أحكامهم وينسبهم لما ليس فيهم، مع توليته نيابة الحسبة لمن شاع وذاع عنه من القبائح مالا يوصف، وغير ذلك أن غالب الأمراء فى بلادهم، وليس بالقاهرة سوى أمير كبير وأمير سلاح وأمير آخور، وإينال الأشقر رأس نوبة النوب - أزاله الله عن الحكم بين المسلمين بجاه سيد المرسلين - حضر قريبا من بلده، وأزدمر الطويل الإبراهيمى، والخدمة [لها] مدة بطالة ثم عملت فى ليلة الاثنين ثالث شهر تاريخه من هذه السنة، وفى الواقع فسلطان مصر الملك الأشرف أبو النصر قايتباى - نصره الله - سلطان عظيم شجاع فارس معدود من الفرسان، ديّن عفيف الفرج لا يلوط ولا يزنى ولا يسكر، وله ورد فى الليل من صلاة وقيام، وعنده تؤدة عظيمة سيما فى العزل والولايات، ولو بلّغه المقربون لحضرته ما يحصل على المظلومين من أمرائه ومحتسبه على الوجه الصحيح لأنصف المظلومين من الظالمين، غير أن أرباب الوظائف من المباشرين صاروا باخلين بمالهم على الفقراء حتى وبجاههم؛ وأما عظيم الدنيا وصاحب حلها وعقدها المقر الأشرف الكريم