وهو من الفرسان الشجعان غير أنه كان مسرفا على نفسه، وترقّى إلى أن استقر حاجب الحجاب فى الدولة الظاهرية خشقدم، ثم استقر نائب حلب، ثم توجّه إلى الشام منها نائبا ثم قبض عليه فى دولة يلباى، وتوجه إلى القدس ثم أعيد إلى الشام فى دولة الملك الأشرف قايتباى - عز نصره - عوضا عن المقر الأشرف الكريم العالى الكفيلى أزبك من ططخ بحكم استقراره فى الأتابكية والإمرة الكبرى بالديار المصرية.
ومات قبل بردبك المذكور بأيام يسيرة دواداره أبو بكر، وخلّف أموالا جمة، قيل إنها بلغت إلى مائتين وخمسين ألف دينار بما فى ذلك من قماش وخيول وجمال وبغال وسلاح وأمتعة وغير ذلك، والملك والبقاء لله مالك الملك والممالك.
وكان المذكور أصله فلاحا ثم خدم بجمقدارا عند الأمير المذكور، ثم غضب عليه وضربه وصرفه من خدمته مرات، وصار فقيرا لا يملك شيئا، فانتمى إلى العلائى ابن الفيسى (١) فصار يطعمه وبكفيه بالفقيرى، ثم عدل عنه إلى المهتار علىّ المشهور بفطيس فى دولة الملك الأشرف إينال، وصار قائما بأموره كلها إلى أن استقرّ أستاذه فى نيابة حلب فتوجه فى خدمته وصار مقربا عنده بواسطة أن أستاذه أرادوا أن يدخلوا عليه السم مرارا وهو يمنعه من ذلك، فارتقى عنده وصار فى أوج العظمة إلى أن حصّل ما حصل من الأموال وقدم على ما قدم، وندم على ما فرط، وحسابه على الله تعالى.
وفيه وصل رسول حسن باك بن قرايلك وأخبر السلطان بما ملكه من البلاد والقلاع ما لم يجتمع بيد أحد من الملوك قبله، مع إظهار محبته اولانا السلطان الملك الأشرف أبى النصر قايتباى - عز نصره - وكثرة
(١) هو على بن اسكندر المعروف بابن إلفيسى، وقد باشر المعلمية ثم الحسبة ثم الولاية ثم نقابة الجيوش.