ممن يرغب فى تزويجها بمهر المثل والكفاة، صدقة عليها» إلى آخره، فكتب عليها القاضى نور الدين الخطيب أعزه الله تعالى:«ينظر فى ذلك على الوجه الشرعى يعد اعتبار الكفاة متحريا»، فاستوفى كاتبه (١) الشرائط الشرعية وقامت عنده بيّنة أن والدها ووالدتها غائبان الغيبة الشرعية عن القاهرة وأعمالها، وزكّى لها ثلاثة نفر منهم خاصكى، وعقد العقد ودخل بها وهى بنت اثنتى عشرة سنة، غير أنها ذميمة من جهة الهيئة، ولم أأذن له فى الوطء. فاتفق أنه طلقها عن شهود غيرنا بعد الدخول والوطء وسألته خالتها فى جميع حقها وكتبت عليها مسطورا له بسبعة دنانير حتى طلقها، والزوج غلام لشخص من الجند يسمى «فارس» من المماليك السلطانية، وأصله مملوك سيفى، فتوجهت خالتها إلى سكنها ببولاق وأخبرتهم بقصتها وكيف تزوج بنتها وأزال بكارتها وطلقها وكتب عليها مسطورا وشكاها بنقباء وغرّمها دينارا، واجتمع أهل بولاق وحملوا الصغيرة وتوجهوا بها إلى بيت عظيم الدنيا الدوادار الكبير، فرسم لبريدى ونقيبين بإحضار الغلام وأستاذه، فخضرا فى أسرع وقت، فلما مثل الزوج بين يديه [قال له]: «أنت فعلت كذا وكذا؟» فتعلم، فأراد ضربه، فنهض أستاذه الجندى وأعلى صوته وقال:«بأى ذنب يضرب غلامى؟ وهو ما فعل شئ إلا بالقاضى والشهود؟» فقال: «اطلبا القاضى»، وكانت بلغتنى المسألة فركبت، فعند مواقاتى لباب الأمير الدوادار الكبير لم أجد الطلب قد توجه لى فدخلت إليه ووقفت بين يديه فقال لى:«يا قاضى: أنت زوجت هذه بهذا؟» قلت «نعم» قال: «كيف؟» قلت: «أذن له مستنيبى فى ذلك بقصة مشمولة بخطه» فقال لى: «هذه تزوّج؟» ويومئ إلى أنها صغيرة فقلت له: «مذهبى ذلك، لأن النبى ﷺ تزوج عائشة أم المؤمنين ﵂ وهى بنت تسع سنين» فقال لى: