الشهود المسمى محمد بن صلاح وهو شاب من فقهاء الأطباق الذين يقرئون المماليك بالقلعة، واتفق أن هذا الشاهد وقف للسلطان مرة وغضب عليه بسبب جامكيته، وما خلص منه إلا بأمر عظيم.
وصار يستغيث فلا يغاث، فأنجده الله بلطفه أن بعض أكابر الخاصكية تكلم معه ووطنه على أن يسأل له بعض الأمراء فى الشفاعة فيه، فمشى معه ودخل من باب الستارة، فخرج من الحوش ونزل من السبع حدرات ونجى بنفسه، فلما طلبهم السلطان بين يديه - وكان السلطان نصره الله رسم بإحضار نساء ابن عبيد الله وبنته ليسألهن هل صدر عنه (١) هذا النزول وهو حاضر الحس أم لا، فقلن:«كان ضعيفا»، وسأل عن الشاهد فأجابوه أن بعض الأتراك أخذوه لطبقتهم لأنه فقيههم، فرسم نقيب الجيش على النقيب بالترسيم عليه، وأمر نائب مقدم المماليك فدخل الأطباق ففتشها طبقة طبقة فلم يجدوه، وآخر الأمر أنّ رئيس الدنيا ابن مزهر شفع فيهم وبالغ فى ذلك فلم يقبل السلطان ذلك وصمم على حضور الشاهد الذى هرب، فنزلوا فى الترسيم ببيت نقيب الجيش، وأطلقوا النساء إلى بيوتهن.
فلما كان يوم الثلاثاء الثامن والعشرين منه صعد الشهود أيضا إلى القلعة ليدخلوا بين يدى السلطان، فلما جلس على الدكة بالحوش برز عظيم الدنيا الدوادار الكبير - دامت سعادته - فشفع فيهم ولمس الأرض بسببهم، ثم تبعه الأمير المحمودى الظاهرى - حاجب الحجاب - فقبّل الأرض، ثم تبعهما عظيم الدنيا ابن مزهر الأنصارى فقبّل الأرض ثم باس رجل السلطان فرسم بإطلاقهم. هذا مع أن قاضى القضاة الحنفى وولده لما بلغهما