للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو الطيب الأنصارى الشافعى المقرئ المعروف والمشهور بالحجازى. مولده كما أخبرنا به فى شعبان سنة تسعين بالقاهرة، ونشأ بها فحفظ القرآن وكتبا، وسمع الحديث على الزين (١) العراقى والهيثمى (٢) وابن أبى المجد (٣) والتنوخى والمنجا إسمعيل الحنفى وآخرين، واشتغل فى الفقه وأصوله وأنقن العربية، وأخذ عن الولى (٤) العراقى والشمس (٥) البرماوى وجماعة بعدهما وقبلهما، وجوّد القرآن فمهر وصار أحد أعيان قراء الجوق، وكذا جود الخط الحسن وكتب به الكثير، وتعانى الأدب حتى صار له سجية وطار صيته به بحيث وصفه شيخى شيخ مشايخ الإسلام ابن حجر حافظ العصر : «بالعلامة فخر المدرسين، عمدة البلغاء» وناهيك بهذا الوصف من مثله. وقرأ مقامات الحريرى وأقرأها وعلق عليها شرحا، وطارح الأدباء ومدح الأكابر، وجمع المجاميع الحسنة وألف وصنّف وزادت تذكرته على خمسين مجلدة فيها فوائد كثيرة، وسار نظمه ونثره فطبق الآفاق وحج إلى بيت الله الحرام، ودخل إلى دمياط واسكندرية وغيرهما للنزهة وحدث، وسمع منه الفضلاء، وأقبل بآخره على كتابة الحديث والأساتيد والمتون والسؤال ممن يعتقد بقدمه ومعرفته بهذا الفن فيما أشكل عليه، ونعم الرجل تواضعا وتوددا لأصحابه وحرصا على زيارتهم واستجلاب مودتهم ورغبتهم فى صحبته فى الفائدة؛ وذلك مع صحة المصاحبة وصفاء الخاطر وخفة الروح وحلاوة المذاكرة والمحاسن الجمة. تعلل ومات مبطونا شهيدا فى


(١) راجع عنه إنباء الغمرلان حجر العسقلانى، وفيات سنة ٨٠٥ هـ، وابن العماد الحنبلى:
شذرات الذهب ٧/ ٥٥ - ٥٦.
(٢) شذرات الذهب، ٧/ ٧٠.
(٣) ابن حجر: إنباء الغمر وفيات سنة ٨٠٤، الشذرات ٧/ ٤٢ - ٤٣.
(٤) انظر السخاوى: الضوء اللامع ج ١ ص ٣٣٦ - ٣٤٤.
(٥) نسبة إلى برمامن نواحى الغريبة بمصر، واسمه محمد بن عبد الدائم بن موسى، مات بالقدس سنة ٨٣١ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>