للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم الاربعاء سابع رمضان سنة خمس وسبعين وثمانى مائة بعد أن رثى نفسه بقصيدة أنشدها لبعض خواصه والمسلمين.

وكان بينى وبينه صحبة زائدة وبات عندى ليالى وأقام عندى أياما، ورأيته أستاذا فى سائر الفنون كثير الأدب عديم الشر سمح (١) النفس، يحب الفضل وأهله وبكرمهم ولا يتكلم فى أحد بغيبة ولا نميمة ولا تنقيص، ولا يلتفت إلى تحصيل مال ولا جاه، وغالب إقامته بمجلس المدرسة القراسنقرية (٢) نهارا، [وأما] فى الليل فغالب مبيته عند القاضى موفق (٣) الدين - ناظر جيش الشام - ببركة (٤) الرطلى، وعفا عنه وعن المسلمين. ومن نظمه:

يا من غدا من الذنوب فى خجل … وخائفا من الخطايا والزلل

ارحم جميع الخلق وارج رحمة … فإنما الجزا من جنس العمل (٥)

ووصل أمير من أمراء شاه سوار هاربا منه بزعمه، وكان وصوله فى عاشر الشهر، وصعد للسلطان فقبل الأرض وأفطر عنده فى ليلة الاثنين فى الرابع عشر منه وأخبر عن شاه سوار أنه فى ذل وصغار وخزى وافتقار وأن غالب من معه فر منه، ومن بقى منهم [بقى] فى أضيق العيش وشدة الخوف وعدم الأمن على أنفسهم، خذلهم الله. هذا ما ذكره والعلم عند الله تعالى.

وفرقت الكسوة فى هذه السنة على الفقهاء والمتعممين والأرامل والأيتام،


(١) فى الأصل «سح».
(٢) نسبة إلى شمس الدين قراسنقر المنصورى، انظر ابن حجر: الدرر الكامنة ٣/ ٦٢٥.
(٣) هو عبد الله بن ابراهيم موفق الدين بن القاضى سعد الدين القبطى المتوفى سنة ٨٧٧ بمنزله بدرب الطباخ ببركة الرطلى انظر فى ذلك السخاوى: الضوء اللامع ٥/ ٧.
(٤) فيما يتعلق ببركة الرطلى انظر المقريزى: الخطط ٢/ ١٦٢.
(٥) جاء هذا البيت فى الأصل على الصورة التالية:
ارحم جميع الخلق وارحمنى بهم … والجزا من جنس العمل
وقد صحح على ما ورد فى السخاوى: الضوء اللامع، ج ٢ ص ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>