وصعدوا إلى أعلى الجبل المقابل لحوش السلطان الذى يجلس فيه للخدمة والأحكام واستغاثوا. فسأل السلطان عن أمرهم فأخبروه بحالهم وأن ابن غريب رمى عليهم بزيادة عن السعر وآذاهم وغرمهم وأضر ذلك بحالهم، فغضب السلطان - نصره الله - على ابن غريب، فبادر عظيم الدولة ومدبرها ومشيرها ومالك حلها وعقدها ووزيرها وأستادارها ودوادارها الكبير وملك الأمراء بالوجهين القبلى والبحرى وما مع ذلك - أدام الله وجوده وبلغه مأموله ومقصوده - وتكلم بكلام أرضى به الله ورسوله والسلطان ومن حضر ومن سمع وقال:«لا يرمى عليهم شئ وجميع ما أخذوه يعيدوه». فردهم السلطان لبيت الأمير المذكور حفظه الله على المسلمين. فلما مثلوا بين يديه أمر برد ما أخذوه إلى مباشرى الدولة ودعوا له وانصرفوا.
وغير ذلك أن غالب بل جميع أرباب الدولة من الأمراء والمباشرين والأعيان وغيرهم بيقدّموا (١) لعظيم الدنيا الدوادار الكبير المماليك والملبوس والخيول والجمال وغير ذلك من آلات السفر. وكان بلغ السلطان - نصره الله - حضور الشرفى الأنصارى من نصف شهر تاريخه فرسم بعوده، ثم إن أكابر الدولة سألوا السلطان فى حضوره ليتمثل بين يديه ويعلمه بما يوجه إليه وبالغوا فى ذلك. فرسم بإحضاره على جرائد الخيل وأن يكون ثقله خارج قطيا، ففعل ذلك وحضر إلى التربة فى يوم الاربعاء حادى عشريه، وأصبح من الغد فصعد إلى بين يدى السلطان فقبل يده فخلع عليه كاملية مخمل مفرية سمور بمقلب سمور بعد أن اجتمع بالسلطان وشكره ونزل إلى داره فى ضخامة لكنه فى غاية الكظم والتشويش، وسبب ذلك ما بلغه من
(١) هكذا فى الأصل والضبط منه أيضا، ويلاحظ أن هذا إصرار من المؤلف على استعمال هذا التعبير المصرى الدارج.