سفر عظيم الدنيا الدوادار الكبير، وأنه يتوجه فى خدمته لتكفية الرجال والسلاح والعليق والمال، فسعى غاية السعى فى إبطاله من السفر ولم يصل لذلك مع أنه - أعنى صاحب الترجمة - إذا تخدم للأمير المذكور وأظهر له نصحا وخدمة وصفاء ربما يرضى عنه ويسلم منه، فإنه كان بينه وبينه شئ وأزاله من بينهما رئيس الدنيا ابن مزهر الأنصارى كاتب السر حفظه الله على المسلمين، والأمر لله الخالق والمبيد، الذى يفعل ما يريد، ولا يسأل عما فعل.
وفيه - أى يوم الخميس ثانى عشريه - طلب عظيم الدنيا الأمير الدوادار الكبير جميع من فى حبسه من الفلاحين والمصادرين وأطلق منهم مائة وسبعين نفرا، وبلغنى عن الأمير المذكور حفظه الله على المسلمين أنه يصالح عن المديونين فى حبسه بمال من عند نفسه، والله أعلم.
ووقع فى هذه الأيام أمور شاعت وذاعت، غير أنى لم أتحققها وإنما أنبئتها بطريق النقل، منها أن جماعة من الأعاجم قبض عليهم وزعموا أنهم جواسيس شاه سوار وابن قرمان وغيرهما، وأمر بإخراجهم من بلادهم. ومنها أن الناصر بن قمتى رأس نوبة الأمير الدوادار الكبير - دامت سعادته - سأل أستاذه المذكور فى سفره إلى الحجاز وببذل ألف دينار، وقيل إنه منعه من ذلك، ورسم لدواداره جانم وخازنداره تغرى بردى أن يكونا متكلمين فى الوزر والأستادارية؛ ولم يصح شئ من سفر ابن قمتى.
وفى يوم الاربعاء ثامن عشريه ختم البخارى بقلعة الجبل بحضور السلطان الملك الأشرف أبى النصر قايتباى - خلد الله ملكه ومدت قواعد دولته - وكان مجلسا حافلا بالقضاة الأربعة - خلا الحنبلى لضعفه وعجزه عن الحضور - والعلماء والفضلاء والطلبة والأمراء والرءوس النوب والخاصكية وأصحاب الوظائف. وقرأ القارئ الذى هو الشيخ الإمام العالم العلامة برهان الدين