السلطان ذلك ورسم بإحضاره وصحبته التركة بتمامها وكمالها فتباطأ فى الحضور، فأرسل إليه قاصدا يحضر به فى الحديد، فلما تمثلوا به بين يدى السلطان - نصره الله - سأله عن التركة فأجاب جوابا نابيا خشنا، فغضب السلطان وأمر بضربه بالمقارع، فتباطؤوا فى حل أزراره فرسم بشق أثوا به فشقو [ها] وضرب مقارع وعصيّا، وسجن حتى يقوم للذخيرة بما يرضى صاحبها.
وفى هذه الأيام ضرب السلطان مملوكا من مشترواته الذين أعتقهم ونفاه إلى حلب، وسبب ذلك كونه تزوج ونزل من الطبقة وأخذ قماشه وخيوله وصار لا يملك غير ما عليه. وأعجب من هذا أن السلطان غضب أعظم الغضب لكون المملوك صار يأكل الضرب ويقول:«يا ستى نفيسة» فصال السلطان يقول لمقدم طبقته: «هذا ما هو جلب إنما هو زقاقى» يعنى: لأى شئ يضرب ولا يقول «توبة خجم» على عادة الأتراك؟، ثم أمر أن يسلموه لتاجره المقيم بحلب المسمى عبد الكريم فإنه كان قدمه للسلطان.
*** ووصل الخبر من الشام على لسان شخص يسمى «ابن مصطبة» أن الكفيلى نائب الشام أبطل المكوس منها وأن أهل الشام يدعون له دعاء جزيلا. واتفق أن السلطان - نصره الله - رآى شخصا من المماليك السلطانية الخشقدمية كان مسخرته ومسخرة عند هذا السلطان (١) فعينه للسفر صحبة الأمير الدوادار والأمراء والمماليك السلطانية الذين توجهوا لقتال شاه سوار وأخذ النفقة ولم يسافر فغضب عليه ورسم بإحضاره وإخراجه فى وقته، وذكر أنه قبض الكسوة ولم يقبض النفقة فرسم له بها وبفرس وجمل، وسافر فى الحال، وإلى الله المرجع والمآل.