للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بيع القمح والناس محتاجون له، فزاد سعره، ثم زاد البحر بعد ذلك ووفى ما كان نقصه، فلله الحمد.

وفى يوم الخميس العشرين من تاريخه قدم المقر الأشرف الكفيلى أزبك نائب الشام إلى الديار المصرية وصعد القلعة وتمثل بين يدى السلطان - نصره الله - فرحّب به وأكرمه وخلع عليه بوظيفة الإمرة الكبرى (١)، واستقر به أتابك العساكر المنصورة عوضا عن جانبك الإينالى قلقسيز الأشرفى برسباى بحكم القبض عليه عند شاه سوار، وتمنّع الأمير أزبك من الدخول فى الوظيفة تمنّعا زائدا كون صاحب الوظيفة فى قيد الحياة، ثم لبس بعد ذلك، فشق ذلك فى الباطن على السلطان كونه أرضى العسكر بمراعاة جانبك هذا؛ وكان لقدوم الأمير أزبك المذكور يوم مشهود (٢) لم يشهد مثله إلا فى النادر، فإن أعيان المملكة وأمراءها وأماثلها وكبراءها احتفلوا به ولا قوه إلى قطيا (٣) وما فوقها ومادونها.

وكان الأمير أزبك وصل إلى خانقاه سرياقوس (٤) يوم الثلاثاء، ثم جاء فى يوم الأربعاء إلى الريدانية (٥) خارج القاهرة فبلغ السلطان ذلك، فنزل إليه محتفيا فى نحو عشرة أنفس وسلم عليه، فابتهج به غاية الابتهاج وجلس عنده ساعة طويلة.


(١) راجع ابن إياس: بدائع الزهور ٣/ ١٨.
(٢) فى الأصل «يوما مشهودا».
(٣) قرية قرب الفرما فى الطريق بين مصر والشام، وهى تعتبر المجاز بينهما، راجع يالوب الحموى: معجم البلدان ٤/ ١٤٤، ابن عبد الحق البغدادى: مراصد الاطلاع ٣/ ١١١١، ويذكر المرحوم محمد رمزى فى القاموس الجغرافى (البلاد المندرسة) ص ٣٥١ أنها قد اندثرت ولم يبق منها سوى أطلال فى الطريق بين القنطرة والعريش.
(٤) خانقاه سرياقوس من إنشاء الملك الناصر محمد بن قلاوون، وكان بها مائة خلوة لمائة صوفى.
(٥) وذاك نسبة إلى بستان كان قد أنشأه ريدان العقلى أحد موالى العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله قرب العباسية بالقاهرة الآن، راجع المقريزى: الخطط ٢/ ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>