ونصره الله على الأعداء، وأدام ملكه وثبت قواعد دولته؛ فمن محاسنه الشريفة ومآثره المنيفة على ما بلغنى أنه توجه مرة لخليج الزعفران وانفرد عن عسكره بمفرده كما هى عادته فوجد شيخا عاجزا بيده حمارة محملة من البطيخ الذى هو بالفقيرى وقد عيت الدابة وثقلت وسقط الحمل، فنزل عن فرسه - نصره الله - وحمل الحمّار وسأله عن حاله فأخبره «الحمار عاجز» فأعطاه خمسة دنانير وقال له «اشترى بهذه بهيمة أقوى من هذه»، وأمثال هذا كثير.
وأنشأ - نصره الله - بالحوش السلطانى إلى جانب الدكة التى يحلس عليها مقعدا عظيما وهو مهتم به كاهتمامه أيضا بعمارة الإيوان - الذى كان خرب - المجاور للقصر وجاءا فى غاية الحسن من البناء الجليل والرخام الملون والأحجار العظيمة والذهب واللازورد وأمثال ذلك، ولعل مصروفهما يصل إلى خمسين ألف دينار.
وعمر أدام الله ملكه آثارا كثيرة كانت درست وعفت رسومها وتغيرت فأحياها بنشر فضله العميم وأعادها فوق ما كانت عليه فى أحسن تقويم. هذا مع إحجام من تقدمه من الملوك العظام، ولكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله هو الملهم والسلام، والعجب أن القلعة أصبحت مشرقة من البناء والبياض الساطع بعد أن كانت سوداء مظلمة فى الهيئة والسكان، فصارت يشار إليها بالأصابع لما أمر بعمارتها وهان عليه صرف المال، فألهمه الله الحق والعدل فى الحال والماضى والمآل.
ومن أعظم محاسنه: كاتم سره ورئيس دولته ولسان مملكته القائم فى الحق بقلبه ولسانه ويده، وهذا ديدنه فى ورده وصدره، محب عباد الله من الصلحاء والعلماء والفقهاء سيما الفقراء، وهذا أشهر من علم على قبس تحدى به