للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الركبان فى الآفاق والبلدان، وليس الخبر كالعيان، فجلّ الملهم المنان.

وأما عفته وتفضله وخضوعه وخشوعه وزهده وديانته وأمانته وعقله ولين جانبه وقربه ممن يعلم أنه من حزب ضده وإظهاره البشاشة والقرى وعدم احتجابه عن أحد من خلق الله مع أصالته الباهرة المعزوة للأنصار، وعواقبه الناطق بها كل لسان فى الأقطار والأمصار فلا أطيق عدها ولا حصرها، ولو أن أعضائى جميعا تكلمت حتى صار ملجأ وملاذا لمن يقصده، وغياثا ونصيرا لمن يؤم بابه أو يسترفده، حتى إذا حلف الحالف أنه ليس له فى عصره نظير وهو فوق الغصن النضير حفظ الله مهجته وأدام بهجته وحماه من طوارق الحدثان هو ومن يلوذ به ما ائتلف الفرقدان واختلف الجديدان.

ووقع فى يوم الجمعة ثامن عشره أن شخصا من كبار المفسدين من بنى حرام يعرف بابن زامل كان مسجونا مدة طويلة بسجن الجرائم، وأراد السلطان قتله مرارا، وكان حضر صحبة المفسدين الذين حضر بهم الأتابك أزبك أمير كبير من بلاده وصلبهم ورسم بقتل هذا، غير أن عليه مالا لجهة ديوان السلطان فسجن ليوزن المال ويمضوا فيه أمر الله تعالى، ثم نقلوه من سجن الجرائم إلى أن أودعوه بقاعة المسجونين بين السورين المجاورة لبيت المقر الأشرف الأتابك أزبك - عز نصره - فصار يحسن لأصحاب السجن وللقائمين بأعبائه وصاروا يخرجونه فى كل قليل بالحديد فى عنقه ويتوجه فى القاهرة إلى بعض أصحابه فيدفعوا له دراهم ويأكل ويعود فيعطى من يتوجه معه المائة درهم والمائتين ولو كانوا اثنين أو ثلاثة، واستمر على ذلك حتى [إذا كان] هذا اليوم المذكور الذى هو الجمعة ثامن عشر شهر تاريخه ذهب على عادته ليأخذ من أصحابه ما يتنفق به فخرج فى الحديد وصحبته صبى السجن، وأراد الرسول يتوجه معه فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>