بالمصطبة التى أنشأها فى آخر الحوش تحت المكان المقيم فيه الخليفة الذى كان سكن المنصور بن الظاهر جقمق والمؤيد بن الأشرف إينال، وجلس الشيخ أمين الدين تحت المالكى والشيخ قاسم تحته، ومن يسار السلطان القاضى الحنفى وتحته الشيخ بدر الدين ابن القطان، وتحته الخطيب الحنبلى والشيخ خير الدين الشنشى وبقية الناس خلفهم، وامتلأت المصطبة من القضاة ونوابهم والفقهاء خصوصا جماعة الشيخ أمين الدين، وأبطأ الشيخ محيى الدين الكافيجى وطال انتظاره فجهز له السلطان قاصدا، وسأل السلطان من الحاضرين عن فتواهم فقالوا:«الحق معنا ونحن أفتينا بالمذهب» وصار أتباعهم يقولون: «الكافيجى غلب هرب». ثم إن الشيخ بدر الدين بن القطان تكلم مع السلطان أنه يدرس بالخروبية بمصر، وأن بها جماعة لم يحضروا، وأن المتحصل بها ما يفى الثلث وأن الجابى عجز مما يشتكى بالنقباء والجلبية، والمسئول من الصدقات الشريفة بروز المرسوم الشريف للقاضى كاتب السر حفظه الله بكتابة مرسوم للجابى أن لا يطالب إلا من الشرع الشريف، فرسم له بذلك؛ ثم سأل السلطان - نصره الله - من الشيخ بدر الدين بن القطان من هو الناظر على هذه المدرسة فقال:«القاضى الشافعى»، فالتفت السلطان إليه وقال له:«أخربت الأوقاف» مرتين، فصار الشافعى فى هيئة الأموات، ثم أنه باس يد السلطان، وسأله أن يخرج الأوقاف عنه ويصير القضاء معه بلا أوقاف، فقال له:«أنت عاجز» فتلقى عنه المقر الأشرف الكريم العالى الزينى ابن مزهر - عظم الله شأنه - وصار يتلطف بالسلطان ويقول:«يا مولانا السلطان، من مائتى سنة مارآى المسلمون سلطانا مثلك» فسكن غضب السلطان. وبينما هم فى ذلك حضر شيخ الشيوخ محيى الدين الكافيجى ومعه نحو ستة نفر فى خدمته من طلبته، وهم العماد الكردى والقاضى شرف الدين يحيى الدمسيسى الشافعى وغيرهما، فلاقاه الدوادار الثانى - حفظه الله وعضده - وصار حامله من إبطه حتى وصل به