فما وسع كل منهما إلا ترك خطابه إلى أن قال له السلطان نصره الله:«اسكت» فصار يقول: «والله لولا أن السلطان قال لى اسكت ما سكت».
هذا مع أن السلطان قال لصلاح الدين ولغيره: اسكتوا، ومع هذا فجماعة الشيخ أمين الدين يطلقون ألسنتهم فى الميمونى ويقولون له:«قم يا صبى النحس عن كتف الشيخ»، واستمر البحث بينهم والكل يساعدون الشيخ أمين الدين بالألفاظ الخارجة عن البحث خلا قاضى القضاة محب الدين والشيخ بدر الدين بن القطان.
وقام السلطان من المجلس ورسم لهم أن لا يتوجهوا من المجلس حتى ينهو هذه القضية، فقام الشيخ أمين الدين والشيخ قاسم ليقضيا حاجتهما، فانتدب الشيخ عثمان المقسمى وسأل من خلف الحلقة من قاضى القضاة الحنفى عمّا ما قاله المشايخ من أن السلطان إذا أقطع أرضا من بيت المال هل له زيادة ونقص وإدخال وإخراج أم لا؟ فأمره القاضى الحنفى بالدخول إلى وسط الحلقة فجلس والسلطان غائب، وجلس بجانب المقر الزينى ابن مزهر حفظه الله والأمير الدوادار الثانى وصار يعلى صوته بأن كلام الشيخ فى العموم لا منازع فيه وإن صح كلامهما، أعنى الفريق فطاح ذلك. ثم حضر السلطان وطال النزاع فعند ذلك سئل القاضى الحنفى عن هذه القضية «الحق فيها مع من؟» فقال: «مع الشيخ محيى الدين ولو كان الظاهر حقا» ورآى أن إينال أخرج وقفه فضربه وأدبه، ثم قيل لقاضى الحنفية:«أنت إمام المذهب، أحكم فى هذه القضية»، فقال:«إذا أفتى المفتيان ليس للقاضى أن يحكم حتى يتبين له الراجح من المرجوح»، ثم إن القاضى المالكى قال:«إذا اختلف الأمر [عن] مذهبنا فالسلطان يقضى فى القضية»، فحولها القاضى الحنفى للمالكى فنفر منها. ثم إن القاضى الحنفى قال: «المصلحة أو ما يشبه ذلك