للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن عدّى خانقاه سرياقوس بمسافة بعيدة، وكان توجهه إليها من قلعة الجبل من ناحية بركة الحاج (١)؛ وترك الأمراء والمماليك السلطانية يسيرون على مهل مع السنجق السلطانى إلى الخانقاه المذكورة، وصار السلطان معه نفر يسير، ثم لما رأى أنه بعد عن الخانقاه عاد إليها واجتاز بفبّة الأتابك، فإنهم ترجلوا:

أصاغر الأمراء والخاصكية مشاة بين يديه أمام فرسه وحولها حتى شق شارع الخانقاه، وقد اجتمع الخلق وكثر الدعاء له منهم، فنزل فى وطاقه (٢) الذى نصب له من أمسه - وهو غربى خانقاه سرياقوس - من جهة القاهرة على الماء.

وحال وصوله وصل الأتابك أزبك وجميع الأمراء، ومد السماط فأكل السلطان وأكلوا، وكان سماطا ملوكيا؛ فاستمر السلطان - نصره الله - يومه كله هناك. وحضرت الأمراء خدمة العصر، وبات السلطان بمخيمه، ومشى أمير جندار (٣) حول خيمة السلطان إلى الصبح كما هى العادة فى الأسفار، وأصبح يوم الأحد سابعه فركب السلطان وسير وعاد إلى مخيمه ودام به بقية نهاره.

وخلع على السيد الشريف نور الدين (٤) الكردى القصيرى ناظر الخانكاه وأحد ندماء السلطان كاملية سمور بمقلب سمور، وكذلك على محمد بن الأشقر شيخ خانقاه سرياقوس؛ وسبب هاتين الخلعتين أنهما (٥) تكلفا، فقدم السيد الشريف للسلطان أشياء كثيرة من الأغنام والأوز والدجاج والحلوى والبطيخ واللبن، وبات السلطان ليلة الاثنين بمخيمه أيضا، وكان السلطان توجه صحبته للخانقاه المذكورة بقاصد حسن بك صاحب ديار بكر وقاصد صاحب الهند وغيرهما من الغرباء، فشاهدوا ما لم يشاهدوه فى بلادهم، حتى


(١) وكانت تعرف فى بداية الأمر ببركة الجب، وهى متنزه خارج القاهرة، ثم تحول اسمها فى القرن التاسع الهجرى إلى بركة الحاج، انظر المقريزى: الخطط ١/ ٤٨٩.
(٢) الوطاق هو الخيمة الكبيرة التى يعدها السلطان لكبار من معه.
(٣) هو الشخص الذى يستاذن على السلطان والأمراء عند الجلوس بدار العدل أيام المواكب واللفظ فارسى الاصل معناه حامل السلاح أو ممسكه، انظر القلقشندى: صبح الأعشى ٤/ ٢.
(٤) السخاوى: الضوء اللامع ٦/ ١٠٤.
(٥) يقصد بذلك الشريف نور الدين الكردى ومحمد بن الأشقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>