للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كادت عقولهم تذهل لرؤية ذلك سيما العساكر وكثرتهم، والسلطان وقوة شجاعته وهمته وعظمته الزائدة.

ولما كان صبح يوم الاثنين من شهر تاريخه ركب السلطان من مخيمه وقصد القاهرة، وفعل كما فعل فى توجهه من إطلاق عنان فرسه وتركه الأمراء والعساكر، واستمر سابقا حتى وصل إلى تربة عظيم الدولة ومدبرها يشبك من مهدى الدوادار الكبير فنزل بها، وانتظر الأمراء والعساكر إلى أن وصلوا له، فمد له المولى المعظم والأسد المفخم عظيم دولته ومدبر مملكته ودواداره الكبير الأمير يشبك من مهدى - عز نصره - مدة (١) مونقة فى غاية الوصف على حسب الحال، وأكل السلطان وأمراؤه وغالب من معه، ثم ركب بأمرائه وعساكره حتى صعد القلعة قبل الظهر.

وفى الثلاثاء تاسعه غضب السلطان - نصره الله - على الحاج محمد بن الأهناسى الوزير وقبض عليه، وأسلمه لعظيم دولته ومشيرها وصاحب حلها وعقدها الأمير يشبك من مهدى الدوادار الكبير عز نصره، فرسم (٢) عليه وطلب منه المال فاعتذر أنه غرم فى الوزارة جميع ما يملكه وهو مكذّب، فأجرى عليه العقوبة وعلقه فى شباك حديد بأصابع يديه، فحمل ألفى دينار وأطلق، فتوجه إلى داره وفى نفسه أنه يعود للوزر، وفى ذلك بعد فإنه ظهر منه العجز فيها مرارا، ورشح قاسم جغيته (٣) المعزول عن الوزارة قبل تاريخه بعوده للوزر.

وفى يوم الخميس حادى عشره جلس السلطان - نصره الله - بالحوش


(١) المدة هنا بمعنى السماط.
(٢) أى أمر بحبسه وتوقيفه.
(٣) بالشين أو بالجيم ولا اختلاف بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>