للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلمت به وهو نصح» فقال له: «تكلم» فقال: «هذه الخرقة أعنى خرقة الفقهاء رفيعة» أو ما معناه. وحكى له أن ابن تقى الكبير المالكى نائب قاضى القضاة الأنفاصى كان له مجلس بالقرب من المشهد النفيسى [١٤٦ ب] فاتفق أن شيخنا مسك به فحماه وادعى عليه عنده بدعوى، فأرسل جقمق الدوادار الكبير يطلبه منه فامتنع من إرساله وقال للذين حضروا يطلبوه: «ما العادة إلا أن القضاة يأخذون من أبواب السياسة، انعكس الموضوع» فوقفوا قليلا ثم شاوروه على أخذ الغريم ثانيا فالتفت إليهم وسبهم ففروا من بين يديه إلى الأمير وأخبروه بصورة الحال، فأرسل إلى القاضى عشر نقباء ليأخذوا الغريم منه، فلما وصلوا إليه وعرف القاضى ما جاءوا فيه قل لهم: «من أراد أن تضرب عنقه بخيمة الغلمان فليبادر إليه أو يمسه بيده» فرجعوا القهقرى، وبلغ ما قاله للأمير فأرسل عشرة مماليك صحبة العشر النقباء، ووافق أن القاضى دخل بيته ليقضى ضرورة فأخذوا الخصم، فلما بلغه ركب وتوجه لمستنيبه فعزل نفسه، فسئل عن ذلك فأجاب بعد ألف جهد وحكى ما اتفق له، فركب مستنيبه وتوجه صحبته إلى قاضى القضاة علاء الدين بن مغلى فحكوا له ما اتفق وقال له: «أنت صاحب السلطان وأنا ما بقيت أعمل قاضيا» فطيّب خاطره وركب معه وتوجهوا إلى قاضى القضاة صدر الدين الأدمى الحنفى وحكوا له القصة فشق عليه إلى الغاية، وركبوا وتوجهوا إلى القلعة فجلسوا على باب الستارة وأرسلوا أعلموا السلطان بحضورهم (وكان المؤيد شيخ فبادر السلطان إليهم وسألهم عن حضورهم فى غير عادتهم وما حاجتهم فذكروا له القصة مفصلة، فأرسل فى الحال قاصدا من غلمانه يسمى حقمق وكان غلاما لجقمق الدويدار المذكور وهو يبغضهم، فأمره بإحضاره فى أسرع وقت على الهيئة التى يكون فيها من غير أن يمكنه بتغيير شئ من ملبوسه، فلما رآه جقمق الدوادار فهم منه الشر وقال: «ما الخبر؟» فأعلمه «أن قضاة القضاة

<<  <  ج: ص:  >  >>