للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعجيب أن القاضى الحنفى لم يصل إليه النظر فى هذا الوقف إلا من مدة سنة أو أفل، فلما حضروا عند السلطان بالمدرسة تكلم معه الحنفى وهو فى غاية الحدة فكان جواب الحنفى للسلطان: «لا دافع لى ولا مطعن فيما يثبت بالطريق الشرعى» لكونه ناظرا على وقف المحمودى ورفيقه الأمير أزدمر تمساح الرأس نوبة الثانى والأمير جوهر الزمام، فطلب من القاضى الحنفى كتاب الوقف فقال: «يحضر».

فاشتد غضب السلطان منه وقال له: «قضاة القضاة يستحسنوا ويدلّسوا علّى ويغطّوا، قل لى كتاب الوقف عند من؟» فقال له: «يحضر»، وأرسل أحضره وأحضر الإجارة فرسم السلطان للشرفى الأنصارى أن يدّعى على وكيل القاضى الحنفى الذى هو القاضى نور الدين الإنبابى أن من الجارى تحت نظرهم وقف تغرى بردى المحمودى، وأنهم واضعون اليد على إيوان المدرسة السيفية وعمروا عوضه ربعا وإسطبلا وسؤاله هدم ذلك وأخذه للمسجد، وصحبته شاهدين من غلمان الخيول عوام، فسمع الدعوى قاضى القضاة الشافعى.

وطال الأمر على السلطان فركب ورسم للقاضى كاتب السر والأمير تمر حاجب الحجاب والقضاة أن لا ينصرفوا من هذا المجلس حتى ينهوا أمره.

وكان قبل ركوب السلطان من المدرسة تكلم مع القاضى الحنفى فى كونه استقر بتغرى بردى خازندار الأمير الدوادار الكبير شادا بالوقف ووبخه وقال له: «عملته شادا لأجل جاهه؟» فأجابه بأنه أحضر إليه قصة وفيها أن السلطان رسم له بذلك بمقتضى مكتب ومربع شريف، فأنكر السلطان ذلك وطلب تغرى بردى المذكور، فحضر فى الحال إلى مجلس السلطان بالمدرسة فسأله من استقر به فى هذا الوقف فقال: «السلطان بمقتضى مكتب ومربعه» وظهر للقاضى الحنفى بذلك ما رامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>