وأساء على القاضى نور الدين الإنبابى إساءة مفرطة من جملتها:«يا شيخ رجلك فى القبر وأنت تداحى على؟ والله أضربك بالمقارع» وكان الأمير الدوادار الثانى غائبا عن المجلس ومن شدة غضبه طلب الفرس وركب من القلعة واستمر إلى أن وصل إلى المدرسة المذكورة فجلس بها، وطلب القضاة الثلاثة الحنفى والشافعى والمالكى يخمسة أو جاقية ورأس نوبة نقيب الجيش وعدة من غلمان الطشطخاناه فحضروا وجلسوا، وتكلم مع القاضى الحنفى بكلام مزعج لمّا طلب منه كتاب الوقف وتأخر بحضوره؛ وأخبرنى رئيس الدنيا ابن مزهر الأنصارى كاتب السر الشريف حفظه الله على المسلمين أنه خشى عليه من العزل، ومن جملة قوله:«أنت مستحسن» مرتين «وأنت تغطى علىّ؟ أنت تخاف ممن؟ قل لى كتاب الوقف عند من؟» فصار يقول: «يحضر، وهو عند القاضى نور الدين الإنبابى» وخشى عليه من البهدلة وما سلم فإنه أسئ عليه بالمدرسة أيضا إساءة مفرطة ثم سأل من القاضى الحنفى: «كيف استقريت بمشد وقف المحمودى الذى هو تغرى بردى خازندار الدوادار الكبير؟ لأجل الجاه؟» فقال له:
«يا مولانا السلطان رفع لى قصة مشمولة بالخط الشريف بتكتيب وتوقيع» فأنكر السلطان، وطلب تغرى بردى فى الحال فأحضر وقال له:«من استقرّ بك مشد هذا الوقف؟» فقال كما قال القاضى الحنفى، فظهر صدقه ورسم السلطان للقضاة أن يكشفوا المكان المدّعى فيه، فتوجّهوا بأنفسهم وصحبتهم المهندسون، هذا بعد أن التفت السلطان من القاضى الحنفى إلى القاضى الشافعى وقال له:«أنت إيش عملت فى وقف قراقوش الذى أرسلت لك بسببه صحبة المهمندار؟» فإنه كان أرسله لما شكى من الشافعى قبل تاريخه، فصار القاضى الشافعى يقول عن الذى اشتكى إنه مجنون، وإنه قال إنه يصعد إلى السماء «ونحن بنعمّر المكان بحسب الحال» واستمر السلطان يتخوف منه وطال الكلام بينهما ثم إن السلطان