إلى المقر الزينى ابن مزهر فاحتدّ عليه وقال له:«إنت ما تنصحنى؟»، ورسم بضرب ابن المقسى فبطح بين يديه وضرب من الروس النوب على مقاعده، وكان يوما باردا شديد البرد جدا، ورسم السلطان بنزع ثيابه وضربه على اللباس، وصار يستغيث فلا يغاث حتى انقطع حسه بعد ذلك، فقام من حضر المجلس من الأمراء فشفعوا فيه فازداد غضب السلطان وحدته ورسم بضربه مقترعا فجرد من ثيابه وصار عريانا مكشوف الرأس، فضربه الوالى وأعوانه نحوا من خمسين مقرعة، فشفع الأتابك أزبك وبقية الأمراء، فأراد السلطان قطع ثيابه من الحدة فأقاموه وصار يقول له:«أنا أعدل وانت تظلم؟ أنا أعمر وأنت تخرب؟» ثم التفت إلى رئيس الدنيا ابن مزهر حفظه الله ورسم له بحضور ولده سيدنا القاضى بدر الدين أعزه الله ليستقر فى نظارة الخاص وكرر ذلك مرارا فأخذ يعتذر على ذلك، فلم يقبل منه وما ساعه إلا حضوره، فحضر صحبة قاصد السلطان، هذا مع أن من حضر هذا المجلس من الأكابر عد كالهالك خصوصا مباشرين الدولة وأعظمهم رعبا وخوفا شرف الدين بن كاتب غريب المتكلم فى الوزارة، والأستادار عوضا عن عظيم الدنيا يشبك من مهدى الدوادار الكبير عز نصره؛ وأما ناظر الجيش وكاتب المماليك فما نزلا إلا محمولين وكانت ساعة نسأل الله السلامة، ورسم بالترسيم على ابن المقسى وأودع الطشطخاناة، ثم نقل إلى طبقة الخازندار.
وشكى فى هذا اليوم ابن قمتى رأس نوبة الدوادار فرسم بحضوره من أى مكان فيه [١٥٥ ب]. وشكى قاضى جدة أبو البركات بن ظهيرة من امرأة بسبب ميراث أبيها، ثم شكى ضامن الخصر والغيطان المشهور بتقى الدين وهو من أسماء الأضداد فرسم السلطان للوالى أن ينادى فى المدينة لأصحاب الغيطان أن يحضروا غدا تاريخه بين يدى السلطان، ثم خلع على القاضى بدر الدين