للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأوقاف وثانى قلم فى كتابة المماليك، واستقر فى شادية بندرجدة على عادته ليسافر بنفسه من غير أن يرسل نائبا من جهته.

وفى هذا اليوم رأيت عجيبة من مخلوقات الله تعالى وهو أن شخصا من أصحابى الأفاضل - أعزه الله - أحضر إلىّ فى مجلس الحكم بباب القنطرة عجلا صغيرا وعجلة بيد واحدة ورجلين واليد الواحدة أغلظ من الرجلين والجبهة (١)، واليد الأخرى التى من جهة الشمال لا أثر فيها ولا كتف ولا لوح، فسبحان الخالق.

وفى أمسه الذى هو الجمعة ثالث عشره سافر الأمير الأجل سيف الدين قانباى سلاق (٢) الظاهرى إلى البلاد الشمالية وعلى يده خلع الأمراء والنواب التى هى (٣) كوامل الشتاء صحبته لعظيم الدنيا ورأس الأمراء الدوادار الكبير سهل الله له كل عسير، نحوا من سبع (٤) وعشرين قطعة ما بين وشق وسمور وغير ذلك، ومبلغ [١٦٠ ا] جملته أربعون ألف دينار ليفرق ذلك فيما يحتاج إليه من العسكر وما يختاره، وأن يصلح النواب مع الأمير الدودار، وأيضا فإن المماليك السلطانية كانوا وقفوا للأمير الدوادار الكبير وطلبوا منه نفقة غير جوامكهم ولحمهم وعليفهم وألحوا عليه فقال: «أنا ما عندى شئ أعطيه لكم، فمن أراد يقيم ومن أراد يذهب إلى حيث شاء» فخشنوا عليه فى القول، هذا كله والنواب حاضرون لم يتكلم منهم أحد ببنت شفة، وآخر الأمر قال لهم: «أنا أرسل ساعى (٥) فى أربعة عشر يوما ويحضر إلينا فى مثلها ومهما رسم السلطان فعلت»، فسكنوا وسكتوا.


(١) فى الأصل «الجهة».
(٢) ومعناها «الأعسر»، راجع الضوء اللامع ٦/ ٦٦٢.
(٣) فى الأصل «الذى هم» وهى عبارة عائدة على الخلع ومن ثم صححناها لما هو بالمتن لتتسق العبارة.
(٤) فى الأصل «سبعة».
(٥) أبقينا هذه الكلمة على ما هى عليه حفاظا على نص القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>