للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين بن بركوت المكينى على باب قاضى القضاة علم الدين صالح البلقينى يخدمه ويرشيه فى كل قضية تكون بالباب ويأخذ مثله، وصار هو عنده يدخل عليه فى الخلوات والجلوات.

وأخبرنى من أثق بنقله عن رئيس الدنيا ابن مزهر الأنصارى غير مرة أنه كان ينقم على القاضى الشافعى فى جلوس شريف على بابه وأمره بمنعه مرارا، وكذا وهو عند ابن الكويز ولا يلتفت إليه أصلا، فما كان إلا بعد برهة وتوصل بساحة جنابه وصار يظهر له خدمة وشطارة ونهضة ومحبة فقربه وأدناه، فمنعته الست والدته - حفظها الله - منه وحذرته فما قبل، وقال له: «يا شريف: والدتى نهتنى عنك فاتق الله وارع حقوقه واحفظ ما أوصيك به من المعروف»، فلم يزده ذلك إلا رقاعة وشمما وتعاظما، وصار يفتن بين القاضى وغلمانه وحواشيه ويتكبر ويتجبر ويقضى الحوائج المهمة عند مخدومه المذكور حفظه الله ويفصل الأشغال، فحصّل الأموال وعظم وضخم وسكن الدور الهائلة واشترى العبيد والجوارى وركب الخيول والبغال ولبس السمور والسنجاب، هذا كله ومن [١٦٢ ب] فى بيت أستاذه يكرهه حتى والدته حفظها الله.

ثم لما مات يونس دوادار المقر الأشرف المذكور كان يسافر إلى البلاد الشامية لقبض أموالها مثل جبل نابلس وما جاوره فإن مال هذه البلاد محتال به القاضى كاتب السر حفظه الله عليهم فى كل سنة وهو مبلغ ثقيل جدا، والقاضى يوزن المال فى كل يوم لجهة الدولة الشريفة ويحصل له من ذلك فى كل سنة جملة من المال ويضم إلى ذلك جهات المقر الزينى ابن مزهر حفظه الله، فقرر شريف عوضه فى الجهات المذكورة وركب الخيول بالسروج: والغلمان خلفه بالبغال والجنائب والقطر والبغال والبابيّة وأمثال ذلك، وتوجه إليهم أول سنة فظلم وغشم وأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>