للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكم بها حاكم شرعى وتوجه ليزرعها فوجدها مزروعة لغيره، فأخذ من الذين زرعوها مقاسمته على عادة البلاد الشامية، فحضر الأميران اللذان وكلا الوكيلين إلى القدس وسألا عن ابن العجلونى فاجتمعا به وطلبا منه المال الذى استأجر به الأرض فأجابهم: «إثبتوا!» فحصل عندهما قهر منه فعزلا الوكيلين، فلما حضر إليه الوكيلان وطالباه بالمال قال لهما: «أنتما معزولان من التوكيل»، فقام عليه ناظر القدس الذى هو محمد الشامى وجماعته وحضر فخاصمهم ووصل إلى القاهرة فشكى عليه من عند الأمير قانبك الدوادار الثانى وكان جالسا فى مجلسه فقال له:

«قم اسمع دعوى غريمك أو وكل» فغاظ وشاط وقال: «أنا رجل عالم ما أكرم»، فلم يلتفت لكلامه ورسم عليه فنزل من المقعد وسمع للدعوى، مع أن المذكور من أهل العلم غير أنه خفيف العقل أهوج، فوقف للسلطان يشكو من الدويدار ويذكر عنه أنه سفيه وأنه كذا، ويقول للسلطان إنه ما يحل له أن يوليه ناظر القدس لأنه ضيع أوقاف القدس ويحط على علماء مصر ويقول عنهم إنهم ما يعرفون شيئا من العلم وأن السلطان مأكله حرام هو وجميع من فى رعيته، وأن السوهاجى حكم عليه بدفع المال، فأخرجه عن دائرة الإسلام بحضور السلطان وغيره. فلما عقد المجلس فى هذا اليوم المذكور قال السلطان لرئيس الدنيا كاتب السر: «إنت تاكل حرام»؟ وقال للقضاة: «أنتم ما تعرفوا شيئا هذا قال عنكم» أى ابن العجلونى، وقال عن ناظر القدس: «أن ولايته ما تحل» فقال للسلطان نصره الله: «هو لوطى أو زانى أو يشرب خمر» فرسم بنفيه فى جنزيز إلى القدس، فتدخلوا عليه بسبب ذلك حتى بطل النفى ووقع الثناء الزائد على الدويدار الثانى وأحكامه وعدله فى مجلس السلطان. وانفض المجلس على أن القاضى الشافعى نفذ حكم نائبه السوهاجى ورسم على ابن العجلونى حتى يعطى الحق فى رسل القاضى [١٦٦ ب] الشافعى. وآخر الأمر عمل المقر الزينى كاتب السر مصلحته بجاهه وماله، حفظه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>