الأستادارية ونوّه به أن يستقر فى الوزارة عدة مرار وهو يمتنع وأستاذه يدفع عنه إلى أن توفى فيروز وذلك فى دولة الظاهر خشقدم. وتولى المجد ابن البقرى الوزارة بعد هرب على بن الإهناسى ثم [لما] أفصل ابن البقرى طلب يونس هذا فباشر الوزارة ولم ينتج له فيها أمر، ورافقه فيها البباوى المعامل بواسطة استقراره فى نظر الدولة، ووثب عليه وأفصله وغرم فيها مالا له صورة وكأنه اشترى اسم الصاحب أو الوزير، وكان يقرأ ويكتب ويحب مطالعة التواريخ، وانقطع بداره بجوار بيت المقر المرحوم الزينى عبد الباسط لا يتردّد إلى أحد إلا إلى الجمعة [١٧٢ ا] وزيارة القرافة فى يوم الجمعة وزيارة سيدى حسين الجاكى فى يوم الأربعاء، كل ذلك بكرة النهار ويعود إلى منزله إما ينسخ أو يطالع فى التاريخ. وطلب منى تراجم عدة من سلاطين مصر والقاهرة فكتبتهم له إلى عصرنا هذا مختصرا، فأرسلت به إليه بعد طلب حثيث فإن بينى وبين والد المتوفى صحبة واسمه «عمر»، وهو شكالة حسنة ويكتب خطا حسنا، وهو حنفى المذهب، وولده المذكور متهم بالمال فالله أعلم بذلك. وخلف بنتين (١) إحداهما رزقها قبل موته بثلاثة أيام والأخرى بشهرين من جوارى، وأم ولده عمر فى عصمته.
وتوفى ليلة الجمعة المسفرة عن خامس عشره: ضربه دم فما أفاده طب الأطباء ودفن من الغد، وكان مسيكا وله بالسلطان الملك الأشرف قايتباى معرفة قديمة من حال إمرته وساعده فى خلاصه من الوزر فى دولة خشقدم، وأرسل ولده إلى الشام فى شغل وأشاعوا أنه يتعرض لماله ولم يصح، وكيف يكون وله هذا الولد وليس فى يده شئ من مباشرات الدواوين وكان عفيفا عن القاذورات ويحب العلماء ويتردد إليهم خصوصا لشيخنا شيخ مشايخ الإسلام محيى الدين