للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصره الله. ثم قام (١) القضاة ونوابهم وجلس الأمراء المقدمون مواضعهم ثم انصرفوا، وقدم المشروب أنواعا فشربوا. ثم حضر رئيس الدنيا ابن مزهر الأنصارى كاتب السر حفظه الله وصحبته الأمير خشقدم الوزير والإمام والخزندار والقاضى الرئيس أبو البقاء ابن الجيعان وصحبتهم ستة أطباق مملوءة (٢) بالذهب مستورة بالفوط الكافورى فيها مبلغ جملته ستون ألف دينار بين يدى السلطان والعسكر، وتكلم رئيس الدنيا ابن مزهر الأنصارى فأطرب وأغرب وقال بلسانه: إخبارا عن مولانا السلطان نصره الله: «أنه لما حج - تقبل الله منه - فى العام الماضى ووجد ما بأهل المدينة من القحط والإجحاف من عدم المؤنة والقوت ف [إنه] أخرج من ماله الطيب هذا القدر وأرصده ليشترى به بلادا ويوقفها على حرم المدينة الشريفة وسكانها ليصنع بها فى كل يوم خبزا ودشيشة للفقراء والمحتاجين والقاطنين والواردين»، وجعل السلطان نصره الله ذلك ابتداء وقفا على من ذكر [و] ليس كما يفعله الملوك وأبناء العصر فى أوقافهم على أنفسهم أوّلا ثم على أولادهم ثم على أولادهم ثم على نسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة إلى آخره، ثم لفقراء المدينة، وقصد بذلك نصره الله إيصال البر لسكان حرم المدينة الشريفة ابتداء لئلا تخرب الأوقاف وتصير دائرة، هذا إن سلمت من الاستبدال. فشكر الله له هذا الصنيع وتقبله منه بمحمد وآله، إنه قريب مجيب.

ثم رسم أن يكون المال المذكور تحت يد قضاة القضاة فتعللوا بعدم حفظه وصونه، فرسم للأمير الكبير والأمير سلاح وللأمير رأس نوبة النوب فامتنعوا من ذلك. وآخر الأمر رسم أن يكون [١٩٢ ب] نصف المال تحت يد الأمير الكبير والنصف [الآخر] تحت يد أمير سلاح، فامتنع الأمير الكبير،


(١) فى الأصل «قاموا .. المقدمين».
(٢) فى الأصل «مملوءين بالذهب مستورين بالفوط الكافورى فيهم مبلغا».

<<  <  ج: ص:  >  >>