للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«والجنسية علة الضيم (١)». وهى عبارة قصيرة موجزة لكنها عميقة المعنى، أصاب بها الكاتب محزا لحقيقة وكبد الواقع ودل على موضع الداء.

وكذلك الحال حين سيقت وظيفة كاتب المماليك السلطانية إلى واحد اسمه عبد الكريم ابن جلود «وهو يومئذ أمرد لانبات بعارضه» وإنما أهّله لذلك عند السلطان مكافة أبيه لديه حتى وفاته (٢).

على أن هيبة الحاكم قد ضعفت بصورة ملحوظة نتيجة لهذه الأمور وأمثالها، فقد حدث أن هزم العسكر السلطانى الذى خرج تجريدة لشاه سوار فلم يتريث رجاله حتى يرد عليهم مرسوم قايتباى بما يراه ويقتضيه الصالح العام من البقاء حيث هم أو السفر إلى الشام، بل نراهم - صغيرهم وكبيرهم - قافلين إلى مصر، «وكان حضورهم بغير إذن السلطان وفى خفية منه وصاروا يقيمون بدورهم إلى أن تكامل حضورهم، فسكت قايتباى على مضض (٣)».

ولم يعد ثم من يعبأ بالأوامر حتى إن السلطان كان شديد الاهتمام بحفر خليج السدو وكل ذلك إلى اثنين من كبار الأمراء فلما نهضا إلى جمع المماليك لهذا العمل «امتنعوا عن ذلك ووقعت بينهم مخاصمات وضرب … حتى أصيب بعض الأمراء بضربة فى وجهه فشجته فى جبينه حتى سال الدم على وجهه».

وترتب على هذا أن فقدت السلطنة مكانتها المحترمة فى نفوس المماليك والأهالى، واستبدأ ولو الأمر وأصحاب الوظائف الكبرى بكل ما فى البلد من خيرات، وزادت الجامكيات بلا مبرر، وقلّ الدخل العام، ولم يعد فى قدرة


(١) إنباء الهصر، ص ٦.
(٢) إنباء الهصر ص ٨.
(٣) إنباء الهصر ص ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>